وفائدة الخلاف إنما تظهر فيما إذا أم العبد قوماً صلاة مكتوبة في هذه الأيام هل يجب عليه التكبير لمن شرط الحرية قال: فإن الذكورة والمصر شرط لإقامته مقصوداً فكذا الحرية قياساً على الجمعة وصلاة العيد.
ومن لم يشترط الحرية قال: لم يشترط لإقامته السلطان فلا يشترط الحرية كسائر الصلوات وإنما لم يشترط لإقامته السلطان عند أبي حنيفة رحمه الله لما حكي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري رحمه الله: أن التكبير يشبه صلاة العيد وصلاة الجمعة من حيث إنه شرط لإقامته المصر بالنص كما شرط الإقامة للجمعة والعيد ويشبه سائر الصلوات من حيث إنه يقام في يوم واحد خمس مرات، فكان له حظاً من الخصوص والعموم، فأشبه بالخصوص شرطنا القوم الخاص والجماعة وأشبه بالعموم لم يشترط السلطان توفيراً على الشبهين حظهما بقدر الإمكان.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : وإذا صلى النساء والمسافرون مع الرجال المقيمين في مصر جماعة وجب عليهم التكبير بالإجماع إذا كان الإمام مقيماً؛ لأنهم بالاقتداء به صاروا أتباعاً له في الصلاة، فكذا في التكبير؛ لأن التكبير من توابع الصلاة وقد يثبت الشيء تبعاً، وإن كان لا يثبت مقصوداً، ألا ترى أن الزكاة (١١٠أ١) لا تجب في الجملان والفصلان مقصوداً عند أبي حنيفة رحمه الله وتجب تبعاً لغيرهن بأن كانت معهن مسنة.
وأما المسافرون إذا صلوا جماعة في مصر ففيهم روايتان في رواية الحسن: عليهم التكبير، وفي رواية أخرى لا تكبير عليهم؛ لأن السفر للفرض مسقط للتكبير ثم لا فرق في تغير الفرض أن يصلوا في المصر وبين أن يصلوا خارج المصر فكذا في التكبير ولا يكبر في شيء من النوافل لأن الجهر بالتكبير عرف قربة شرعاً بخلاف القياس والشرع إنما ورد به في المكتوبات، ففي غير المكتوبات يبقى على أصل القياس.
ولا يكبر في صلاة العيد؛ لأنها تطوع فأشبه سائر التطوعات ولا في الوتر. أما عندهما؛ فلأنه سنّة وتطوع، وأما عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأنه وإن كان فرضاً إلا أنه يؤدى بجماعة إلا في شهر رمضان والجماعة عند أبي حنيفة رحمه الله شرط.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» أيضاً: ولو أن رجلاً صلى بقوم صلاة في أيام التشريق، فنسي التكبير، ثم تذكر بعدما خرج من المسجد، أو تكلم لم يكن عليه تكبير.
والأصل في جنس هذه المسائل: أن ما يمنع بناء بعض الصلاة على البعض يمنع التكبير، وما لا يمنع بناء بعض الصلاة على البعض لا يمنع التكبير؛ لأن التكبير شرع متصلاً بالصلاة كأفعال الصلاة شرعت متصلة بعضها ببعض.
قلنا: وكلام الناس والخروج عن المسجد لا لإصلاح الصلاة لا من حيث الحقيقة ولا من حيث الظن يمنع البناء فيمنع التكبير، فأما إذا تحول من مكانه إلا أنه في المسجد بعد، ولم يتكلم فتذكر فإنه يأت بالتكبير أستدبر القبلة أو لم يستدبر، إن لم يستدبر فظاهر، لأن المسجد مع تباين أطرافه جعل كمكان واحد في حق الصلاة، ألا ترى أنه جاز اقتداء