للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم مقيمون فلما صلى بطائفة ركعتين انحرفوا إلا واحداً منهم لم تفسد صلاته؛ لأنه لم يوجد منه إلا ترك الانحراف، والثبات على القبلة، وكل ذلك لا يفسد الصلاة، ولكن لا يستحب له ذلك: لأنه التزم الذهاب مع أصحابه ليكونوا رصداً للطائفة الثانية، فإذا لم يذهب، فقد ضيعهم وترك الوفاء بما التزم فيكره له ذلك.

لهذا فإن صلى مع الإمام الركعة الثالثة، فعلم أنه أساء فيما صنع، فانحرف بعد الثالثة أو بعد الرابعة قبل أن يقعد الإمام قدر التشهد، فصلاته صحيحة؛ لأنه من الطائفة الأولى، وما بعد الشطر الأول إلى أن يفرغ الإمام من الصلاة أوان الانحراف للطائفة الأولى.

وإذا انحرف، فقد تدارك ما ترك في أوانه، وكذلك لو انحرف بعدما قعد مع الإمام قدر التشهد قبل السلام، فصلاته تامة، وإن كان هذا انحرافاً في غير أوانه، لأنه من الطائفة الأولى، وهذا أوان انصراف الطائفة الأولى إلى الصلاة إلا أنه إنما لم تفسد لانتهاء أركانها، فإن الصلاة بعد انتهاء أركانها لا تقبل الفساد حتى لو بقي عليه شيء من الأركان بأن بقي هذا الرجل بعد أداء الشطر الأول نائماً أو قائماً خلف الإمام، ولم يصل معه، وانحرف بعدما قعد الإمام قدر التشهد، أو كان مسبوقاً بركعة تفسد صلاته، ثم إذا لم تفسد صلاته بالانحراف بعدما قعد الإمام قدر التشهد لا يجب عليه أن ينصرف مع أصحابه، ليسلم؛ لأنه قد تمت صلاته وقد انحرف على وجه الرفض؛ لأنه انحرف ليشتغل بأمر العدو، والانحراف بعد تمام الصلاة على قصد الرفض يوجب رفض ما بقي، فلا يجب عليه العود بخلاف ما إذا أحدث بعدما قعد قدر التشهد قبل أن يسلم، وانصرف ليتوضأ ويبني، فإن عليه أن يعود ليجلس ويسلم؛ لأن هناك ما انحرف على وجه الرفض بل على وجه البناء، فلم يرفض ما بقي وقد بقي عليه سنّة، وهي الخروج بلفظة التسليم، فكان عليه أن يعود لإقامة السنّة، أما ههنا بخلافه.

وإذا لم يكن العدو حاضراً ولكن خاف الإمام حضور العدو لا ينبغي له أن يصلي صلاة الخوف؛ لأن صلاة الخوف إنما جازت باعتبار الضرورة، فلا تجوز قبل تحققها.

فإن افتتح الإمام صلاة الظهر، وهم مسافرون، فلما صلى ركعة أقبل العدو، فانحرفت طائفة من المصلين، ووقفوا بإزاء العدو، وبقيت طائفة مع الإمام حتى أتموا صلاتهم، فصلاتهم تامة، أما صلاة من بقي مع الإمام فظاهر، وأما صلاة من انحرف؛ فلأن هذا انحراف في أوانه والضرورة متحققة عند الانصراف، وكانت العبرة لحالة الانصراف لا لحالة الشروع؛ لأن الرخصة في الانصراف، فيعتبر قيام الرخصة وقت الانصراف.

ولو افتتح الإمام بهم صلاة الظهر وهم مقيمون، فأقبل العدو، وانحرفت طائفة من المصلين بعد الركعتين لم تفسد صلاتهم، لأنهم لو انحرفوا حال حضور العدو بعد الركعتين لا تفسد صلاتهم، لأنه أوان الانحراف كذا هنا.

وإن انحرفوا بعدما صلوا ركعة فسدت صلاتهم؛ لأن هذا ليس أوان الانحراف، ولهذا لو كان العدو حاضراً، وانحرفوا بعد الركعة الأولى تفسد صلاتهم، ولو حضر

<<  <  ج: ص:  >  >>