والمعنى فيه: أن صلاة الكسوف لا تخلو إما أن تكون معتبرة بالنوافل أو بالفرائض أو الواجبات وبأيها اعتبرنا لا يجوز أن يجتمع في ركعة منها ركوعان وقومتان.
وتأويل حديث عائشة، وابن عباس رضي الله عنهم ما أشار الحاكم الشهيد رحمه الله في «إشاراته» : أن النبي عليه السلام إنما ركع ركوعين على وجه الصورة لا على وجه التحقيق؛ لأنه في تلك الصلاة قربت إليه الجنة والنار، وكان في تلك الصلاة يتقي شرها بيده ويتقدم ويتأخر، وقد قال في تلك الصلاة مراراً «ألم تعدني أن لا أعذبهم وأنا فيهم» ، فلما فرغ منها قال:«أدنيت مني النار حتى كنت أتقي شررها بيدي، وقربت مني الجنة حتى لو كدت أن آخذ ثمارها لفعلت» . وفي رواية «حتى لو كدت أن أقطف عنبها لفعلت قائماً» رفع رسول الله عليه السلام رأسه من الركوع فزعاً حين قربت منه النار فكان ذلك رفعاً على وجه الصورة لا على وجه الحقيقة، ثم عاد إلى الركوع حيث أمن منها جبراً للركع الأول وإتماماً له لا أن يكون ركوعاً ثانياً، فلم يركع في كل قيام إلا ركوعاً واحداً كما في الصلاة المعهودة، وإنما مثال هذا من كان في الركوع في صلاته، فتذكر سجدة تركها قبل الركوع، فإنه يرفع رأسه من الركوع ويحولها ساجداً، ثم يعود إلى الركوع جبراً وإتماماً له لا أن يكون ركوعاً على حدة.
قال شمس الأئمة الحلواني: وكان القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله يذكر جواباً آخر وهو الذي يعتمد عليه أن النبي عليه السلام طول الركوع فيها للمعنى الذي ذكرنا فمل بعض القوم فرفعوا رؤوسهم وظن من خلفهم أن النبي عليه السلام رفع رأسه، ورفعوا رؤوسهم، ثم عاد الصف الأول إلى الركوع اتباعاً لرسول الله عليه السلام فركع من خلفهم وظنوا أنه ركع ركوعين في كل ركعة.
ومثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف، وعائشة كانت واقفة في صف النساء، وابن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت، فلهذا نقلا كما وقع عندهما، وإن كان هذا صحيحاً، فكان أمراً بخلاف المعهود، فينقله الكبار من الصحابة الذين كانوا يأتون رسول الله عليه السلام، وحيث لم ينقله أحد دل أن الأمر كما قلنا: وهو تأويل حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
ولا يصلي هذه الصلاة بجماعة إلا الإمام الذي يصلي الجمعة، فأما أن يصلي الناس في مساجدهم جماعة فإني لا أحب ذلك، وليصلوا وحداناً، هكذا قال في «الكتاب» : قال شيخ الإمام خواهر زاده: يريد به أن يصلي في موضع واحد كما يصلي الجمعة.
وروي عن أبي حنيفة في غير رواية «الأصول» : أن لكل إمام مسجد أن يصلي في مسجده، وجه رواية أبي حنيفة رحمه الله وهو أن هذه صلاة تؤدى بجماعة لا يشترط