للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفترش رجله اليسرى في جميع صلاته، وذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله أن الفتوى على قول زفر في هذا. والله أعلم.

ما ذكر محمد رحمه الله في «الزيادات»

رجل بحلقه خراج ولا يستطيع أن يسجد إلا ويسل خراجه، وهو صحيح فيما سوى ذلك يقدر على الركوع والقيام والقراءة، يصلي قاعداً يومىء إيماءً، ولو صلى قائماً بركوع وسجود، وقعد وأومأ بالسجود أجزأه، والأول أفضل. وإنما كان هكذا وذاك؛ لأن القيام لم يشرع قربة بنفسه، وكذلك الركوع، ولكن شرعا ليكونا وسيلتين إلى السجود، ولهذا كانت السجدة قربة بانفرادها، ولا كذلك القيام والركوع، وشرعت السجود مكررة يكون في ركعة، ولم يشرع القيام والركوع مكرراً في الركعة.

قلنا: وقد أمر بترك السجود هنا؛ لأنه لو سجد سال من خراجه شيء فتصير صلاته بغير طهارة، ولو لم يسجد كانت صلاته بطهارة ولكن من غير سجود.

قلنا: الصلاة مع الحدث لم تشرع في حالة الاختيار بحال، فأما الصلاة قاعداً وبإيماء مشروع في حالة الاختيار، حتى أن المتنفل إذا صلى قاعداً أو على الدابة بإيماء جاز، فكان ترك السجود أهون من تحمل الحدث، وقد عرف أن من ابتلي ببليتين يختار أهونهما، وإذا أمر بترك السجود هنا، أمر بترك القيام والركوع بطريق التبعية، ولكن مع هذا إن قام وركع جاز؛ لأن السجود هنا بقي مشروعاً، ولهذا لو تكلف وفعله بلا حدث جاز، فبقي القيام والركوع أيضاً مشروعاً تحقيقاً للتبعية، فإذا أتى به فقد أتى بما هو مشروع فجاز، إلا أنه لما أمر بترك السجود لما قلنا أمر بترك القيام والركوع أيضاً بطريق التبعية، لكن مع كونهما مشروعين في نفسهما فجاز الإتيان بهما.

وكذلك إذا كان به جراحة إذا قام سال جرحه، وإذا قعد لا يسيل، أو كان شيخاً كبيراً إذا قام سلسل بوله، وإذا قعد استمسك، يصلي قاعداً بركوع وسجود، وإن كان لو سجد سال أيضاً صلى قاعداً يومىء إيماءً، ويجعل السجود أخفض من الركوع لما عرف في مواضع كثيرة. وإنما كان هكذا لما قلنا: أنه لو قام صار مصلياً بدون الطهارة، وذلك غير مشروع في حالة الاختيار بحال، وإذا قعد كانت صلاته بطهارة ولكن على غير قيام، وذلك مشروع في حالة الاختيار على ما مر، فكان ترك القيام أهون من تحمل الحدث، وهذا والأول سواء إلا أن هنا لو صلى قائماً لا يجوز، وهناك يجوز؛ لأن هنا السيلان يوجد في حالة القيام، فيصير مصلياً مع الحدث فلا يجوز، ولا كذلك الفصل الأول.

وعلى هذا لو أن شيخاً كبيراً إذا قام ضعف وعجز عن القراءة، وإذا صلى جالساً يركع ويسجد، ويقدر على القراءة أمر بأن يصلي قاعداً بركوع وسجود؛ لأن الصلاة بغير قراءة لا تجوز في حالة الاختيار بحال، وتجوز الصلاة قاعداً مع القدرة على القيام، وبالإيماء راكباً مع القدرة على النزول، فكان ترك القيام أهون من ترك القراءة.

وإذا كان بالرجل جرح إن قعد أو قام سال، وإن استلقى على قفاه رقأ الجرح، فإنه يصلي قائماً يركع ويسجد، وكذلك من به سلسل البول إذا كان بحيث يستمسك إذا استلقى

<<  <  ج: ص:  >  >>