في إحدى الروايتين تفسد صلاة المسبوق، وبه أخذ عامة المشايخ، وفي إحدى الروايتين لا تفسد، وبهذه الرواية كان يفتي الشيخ الإمام الزاهد أبو حفص الكبير، فإن لم يعلم أنه لم يكن على الإمام سهو لم تفسد صلاة المسبوق بلا خلاف.
الإمام إذا سبقه الحدث في ذوات الأربع فاستخلف مسبوقاً بركعتين فإن المسبوق يصلي ركعتين ويقعد حتى يتم صلاة الإمام، ثم يقوم يقضي ما سبق به، ولو أن هذا المسبوق صلى ركعتين، ولم يقعد فسدت صلاتهم، كما لو اقتدى المقيم بالمسافر، فأحدث المسافر واستخلف المقيم، فصلى المقيم ركعتين ولم يقعد، وهناك تفسد الصلاة كذا ههنا، وهذا لأن الخليفة قائم مقام الإمام الأول ما لم يفرغ عن صلاة الأول، والأول لو ترك هذه القعدة فسدت صلاته فكذا إذا ترك الثاني.
المسبوق بركعة إذا سلم مع الإمام ساهياً لا يلزمه سجود السهو؛ لأنه مقتد بعد، وإن سلم بعد الإمام كان عليه السهو؛ لأنه صار منفرداً. وإذا دخل الرجل في صلاة الرجل بعد ما سلم قبل أن يسجد للسهو فعلى قول محمد رحمه الله اقتداؤه به صحيح على كل حال عاد الرجل إلى سجود السهو أو لم يعد، وعلى قول أبي حنيفة اقتداؤه موقوف إن عاد الرجل إلى سجوده صح اقتداؤه، وإن لم يعد لا يصح اقتداؤه.
ولو دخل في صلاته بعدما سجد سجدة واحدة، وهو في الثانية، فإنه يسجدها معه ولا يقضي الأولى، وكذلك إن دخل في صلاته بعدما سجدهما لم يقضيها.
صلى بقوم صلاة الفجر فسلم واحد من القوم بعد الفراغ من التشهد وحال الإمام الدعاء وأخر السلام حتى طلعت الشمس فسدت صلاة الإمام على قول من يرى ذلك، ولم تفسد صلاة من سبق بالسلام، وكذلك لو تذكر الإمام تلاوة بعد سلام هذا الرجل، فسجد الإمام للتلاوة بعد سلام هذا الرجل، أو كانت الصلاة ظهراً فأدرك الإمام الجمعة لا تفسد صلاة من سلم إذا لم يدرك الجمعة.
وكذا المسبوق بركعة إذا قام إلى قضاء ركعته بعد سلام الإمام، ثم تذكر الإمام تلاوة، وسجد لها لا تفسد صلاة المسبوق إلا إذا تابعه في السجدة بعدما قيد ركعته بالسجدة.
أحدث الإمام وعليه سجود السهو، واستخلف مسبوقاً قد ذكرنا قبل هذا أنه لا ينبغي للإمام أن يقدمه، ولا له أن يتقدم، فلو أنه تقدم مع هذا كيف يصنع؟ قال: يصلي بالقوم بقية صلاتهم فإذا انتهى الإمام الصلاة إلى السلام يتأخر، ويقدم مدركاً يسلم به، ولا يسلم هذا المسبوق، فإن لم يكن ثمة مدرك كيف يصنع هذا المسبوق؟ قال: يتأخر من غير أن يسلم ثم يقوم ويقضي ما فاته وحده، وكذلك القوم يقومون، ويقضون ما فاتهم وحداناً، فإذا فعلوا ذلك يأتون بسجود السهو التي وجبت على الإمام استحساناً.
قد ذكرنا أن اللاحق لا يتابع الإمام في سجوده، ولو تابعه مع ذلك، وسجد معه لا يجزئه، وعليه أن يسجد إذا فرغ من صلاته؛ لأن ما أتى به من السجدة في غير محلها؛ لأن سجدة السهو شرعت في آخر الصلاة، وهو إنما أتى بها في وسط الصلاة.