للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبر قبل ركوع الإمام، ولم يركع معه حتى رفع الإمام رأسه من الركوع، ثم ركع هو صار مدركاً للركعة. وإذا سلم الإمام فالمؤتم المسبوق يتأنى، ولا يتعجل في القيام، وينظر هل يشتغل الإمام بقضاء ما نسيه من صلاته فإذا تيقين فراغ الإمام من صلاته حينئذٍ يقوم إلى قضائه، ولا يسلم مع الإمام؛ لأنه في وسط صلاته.

وفيه حكاية أن أبا يوسف كان على مائدة هارون الرشيد، فسأل زفر وقال: ما تقول يا أبا هذيل متى يقوم المسبوق إلى قضائه؟ فقال زفر رحمه الله: بعد سلام الإمام، فقال أبو يوسف رحمه الله: أخطأت، فقال زفر: بعدما سلم الإمام تسليمة واحدة، فقال أبو يوسف: أخطأت، فقال زفر: قبل سلام الإمام، فقال أبو يوسف: أخطأت، ثم قال أبو يوسف رحمه الله: إنما يقوم بعد تيقنه أن الإمام فرغ من صلاته فقال زفر: أحسنت أيد الله القاضي.

قال: مكث المسبوق حتى يقوم الإمام إلى تطوعه إن كانت صلاة بعدها تطوع، ويستدبر إلى المحراب إن كانت صلاة لا تطوع بعدها، وإن لم يمكث حتى يسلم الإمام، ولكن حين فرغ الإمام من قراءة التشهد قام المسبوق إلى قضاء ما سبق، جازت صلاته بالاتفاق، ولكنه مسيء فيما صنع، وإنما جازت صلاته لفراغ الإمام من الصلاة، حتى قالوا فيمن صلى مع الإمام الجمعة، والإمام في الجامع، وهو في الطريق، وهو مسبوق، فخاف أنه لو انتظر الإمام حتى يسلم، ثم يقوم هو إلى القضاء تفسد المارة عليه صلاته، فإذا علم أن الإمام فرغ من التشهد يقوم هذا إلى القضاء وتجوز صلاته.

روى ابن سماعة، وأبو سليمان في «نوادره» عن محمد: إذا نام المؤتم خلف الإمام، وسهى الإمام عن سجدة من أول الركعة، فقضاها في آخر صلاته وسلم، ثم استيقظ ذلك الرجل، فإنه يصلي، ويسجد تلك السجدة في موضعها من الركعة الأولى.

وفي رواية أبي سليمان إن كان الإمام ترك القعود في الثانية يقعد فيها هذا اللاحق قال: لأن الإمام يقضي السجدة، ولا يقضي الجلوس، وفي رواية ابن سماعة لو استيقظ هذا النائم قبل أن يسجدها الإمام، فإنه (١٢٦أ١) يصلي ما صلى إمامه، ولا يسجد تلك السجدة حتى يسجدها إمامه، فيسجدها معه؛ لأنه لا يجزئه أن يسجدها قبله، وكذلك إن لم يكن نام، ولكن سبقه الحدث فذهب وتوضأ، ثم انصرف.

وفي «نوادر إبراهيم» عن محمد: رجل دخل في صلاة إمام بعدما صلى الإمام ركعة فلما كبر رعف، فذهب، وتوضأ، ثم جاء، وقد صلى الإمام ركعتين أخريتين، وبقيت عليه ركعة فاتبع الإمام حين جاء ولم يقض ما فاته، وصلى معه الرابعة، قال: يقوم ويصلي ركعة بغير قراءة ويقعد، ويصلي ركعة أخرى بغير قراءة، ويقعد؛ لأن بالنية وافقه الإمام، ثم يصلي ركعة بقراءة لأنه أول صلاته.

وفي «نوادر» أبي سليمان عن محمد لو نام الرجل خلف الإمام في التشهد الأخير، فلم يقرأ التشهد، وقرأه الإمام، ثم ضحك هذا الرجل بعدما انتبه قبل أن يتشهد، قال: عليه الوضوء لصلاة أخرى، وصلاته تامة، وإنما وجب عليه الوضوء، وإن كان الإمام قد

<<  <  ج: ص:  >  >>