للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقعد في الثالثة فسدت صلاته؛ لأن هذه الثالثة رابعة صلاته حقيقة، وإن كانت ثالثة في ظنه، فقد ترك القعدة الأخيرة فتفسد صلاته.

ولو نوى بالتكبير هذه الفريضة، وفريضة أخرى أو تطوعاً لم يخرج عن هذه الفريضة إذا نوى غيرها على حدة.

رجل سلم في الركعتين من الظهر ناسياً، ثم ذكر فظن أن ذلك يقطع الصلاة، فاستقبل التكبير، ونوى به الدخول في الظهر ثانية، وهو إمام قومه، فكبروا معه ينوون ذلك فهم على صلاتهم الأولى يصلون ما بقي منها، ويسجدون السهو، وذلك لأنه لو خرج عن الصلاة لا يخلو إما أن يخرج بالسلام، أو بالنية، أو بالتكبير لا جائز أن يصير خارجاً بالسلام؛ لأن هذا سلام الساهي لأن حد السهو أن يسلم، وعليه ركن من أركان الصلاة وهو لا يعلم به، وقد وجد هذا الحد هنا فكان سلام الساهي، وقد ذكرنا غير مرة أن سلام الساهي لا يخرج المصلي عن الصلاة. لا جائز أن يصير خارجاً بالنية؛ لأنه نوى إيجاد الموجود وذلك لغو، فصار وجود النية وعدمه بمنزلة. ولا جائز أن يصير خارجاً بمجرد التكبير؛ لأن التكبير وجد في وسط الصلاة، والتكبير في وسط الصلاة، فلا يخرجه عن الصلاة. إذا ثبت أنه لا يصير خارجاً عن الصلاة الأولى، فإذا قعد في الرابعة، ثم قام إلى الخامسة تجوز صلاته، لأنه صلى الظهر خمساً، وقعد في الرابعة قدر التشهد تجوز صلاته؛ لأنه اشتغل بالنفل بعد إكمال الفرض. وإن لم يقعد في الرابعة قدر التشهد، فسدت صلاته؛ لأنه اشتغل بالنفل قبل إكمال الفرض.

ثم إذا جازت صلاته بأن قعد في الرابعة قدر التشهد؛ فإنه يجب عليه سجدتا السهو بتأخير الركن عن محله، وهو القيام إلى الركعة الثالثة؛ لأنه حين كان قعد على رأس الركعتين يفترض عليه القيام بعدما تشهد، فإن اشتغل بالدعوات، فقد أخر الركن، وهي الركعة الثالثة، فتجب سجدتا السهو.

فرق بين هذا وبين ما إذا كبر ينوي العصر، أو ينوي التطوع، فإنه يصير خارجاً عن الظهر داخلاً في العصر أو في التطوع، وهنا لا يصير خارجاً.

ووجه الفرق: وهو أن هناك نوى شيئاً ليس هو فيه، لأنه نوى العصر وهو ليس في العصر، فالنية الثانية أفادت غير ما أفادته الأولى، فتكون معتبرة، وإذا كانت معتبرة صار شارعاً إلى العصر، ومن ضرورة الشروع في العصر الخروج عن الظهر. فأما هنا نوى شيئاً هو فيه، فلم تفد الثانية إلا ما أفادته الأولى، فلغت الثانية، فلهذا لا يصير خارجاً عن الأولى.

ونظير هذا رجل باع شيئاً بألف، ثم باعه ثانياً بألف، فالبيع الثاني باطل، والبيع الأول على حاله؛ لأن الثاني لم يفد غير ما أفاده الأول، فيتضمن البيع الثاني انفساخ البيع الأول كذلك ههنا.

وفرق بين هذا وبينما إذا سلم على رأس الركعتين من الظهر، وهو يظن أنه صلاة الفجر، أو صلاة المسافر، أو سلم على رأس الثالثة، وهو يظن أنه المغرب أو الوتر، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>