نزح أدنى ما ورد التقدير به، وقال أبو يوسف: تنزح جميعها لأن أثر حرمة النجاسة يظهر في الثوب دون الماء، ألا ترى لو وقع فيه فرس فأخرج حياً فعلى قولهما لا ينزح شيء منها لأن عينه طاهر عندهما وسؤره كذلك. وعلى قول أبي حنيفة ينزح منها دلاء بطريق الاستحباب لأنه طاهر في نفسه وهو لا يلطخ فخذه ببوله إلا أن سؤره مكروه على إحدى الروايتين عنه فينزح دلاء لهذا، ثم في كل موضع كان النزح مستحباً لا ينقص من عشرين دلواً، إليه أشار محمد رحمه الله في «النوادر» برواية إبراهيم عنه.
وصورة ما ذكر في «النوادر» فأرة أو هرة أو دجاجة مخلاة وقعت في بئر فأخرجت منها حيّةً قال: إن توضأ منه أجزأه وأحب إليّ أن ينزح منها عشرون دلواً، ثم قال: ولا يكون النزح في شيء من الأشياء أقل من عشرين دلواً. فقد قدّر النزح في هذه المسألة بعشرين دلواً. والنزح في هذه المسألة بطريق الاستحباب ثم عطف عليه قوله:
ولا يكون النزح في شيء أقل من عشرين دلواً، فيعلم بدلالة الحال أنه أراد بقوله ولا يكون النزح أقل من عشرين النزح المستحب. وقال أبو يوسف رحمه الله: النزح الواجب لا يكون أقل من عشرين، أما النزح المستحب يكون أقل من عشرين، ولا يكون أقل من عشرة، ألا ترى أنه قال في السّنور ينزح عشر دلاء أو نحو ذلك بطريق الاستحباب (١٣أ١) .
النوع الثاني: وهو الذي يفسد ماء البئر أقسام. قسم يفسد جميع ماء البئر لا محالة، وقسم يفسد جميع ماء البئر على أحد الاعتبارين، وقسم فيه اختلاف، وقسم يفسد بعض الماء.
أما القسم الأول: فسائر النجاسات، نحو بول الآدمي ورجيعه، وبول ما لا يؤكل لحمه من الحيوانات على الاتفاق، وبول ما يؤكل لحمه على الخلاف. وسيأتي بيان النجاسات بعد هذا في فصل على حدة، وكذلك إذا وقع فيه خمر أو ما سواها من الأشربة التي لا يحل شربها وكذلك إذا وقع فيه خنزير أو سبع وجب نزح جميع الماء.
وكذلك لو دخل في البئر جنب أو محدث لطلب الدلو وعلى أعضائه نجاسة بأن لم يكن مستنجياً أو كان مستنجياً بالخذف ينزح جميع الماء، وكذلك إذا وقع كافر في البئر وأخرج حيّاً نزح ماء البئر كلّه. ذكره في «كتاب الصلاة» للحسن.
وكذلك السقط إذا وقع في البئر قبل الغسل أو بعده ينزح ماء البئر كله، وذكر ابن رستم في السقط كذلك وفيما استهل قبل الغسل كذلك. وذكر فيما استهل بعد الغسل أنه لا يفسد الماء.
وفي «فتاوى أبي الليث» عن أبي القاسم الصفار: في الإنسان الميّت وقع في البئر يفسد الماء غسل أو لم يغسل. وكذلك إذا وقع شيء من الحيوانات في البئر ومات وانتفخت يجب نزح ماء البئر كله لأنه ينفصل منه بلّة نجسة وتلك البلّة مائعة. ومتى وقع في البئر نجس مائع وجب نزح ماء البئر كله لأن النجاسة تصير مجاورة للماء كله فيجب إخراج الكل، كما لو وقع فيه قطرة من خمر أو بول.
وعن هذا قلنا: لو وقع ذنب الفأرة في البئر يجب نزح جميع الماء، لأنها لا تخلو