غير أن يصلي القوم معه، ثم يسجد السجدة التي تركها الإمام من تلك الركعة، ويسجد القوم معه، وإنما وجب عليه تقديم الركعة على السجدة التي تركها الإمام؛ لأنه لاحق أدرك أول الصلاة، واللاحق يبدأ بالأول فالأول، فإذا أتى بالركعات كلها على نحو ما بينا يتشهد ويسلم ويسجد للسهو ويسجد القوم معه؛ لأنه خليفة الإمام الأول، وعلى الإمام الأول أن يسجد للسهو والقوم يسجدون معه، فكذا هذا الخليفة.
ثم قال في «الكتاب» : قلت: إنما تفسد عليه صلاته، قال: ولماذا تفسد؟ قلت: لأن الإمام مرة يصير إماماً للقوم ومرة غير إمام، وهذا قبيح، قال: ولو كان هذا في ركعة استحسنت أن أجيزه، يريد بهذا أنه لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة وقام رجل خلفه عن هذه الركعة، فأحدث الإمام وقدم هذا الرجل والقوم قعود، فإن هذا الرجل يقوم ويصلي ركعة بسجدة، والقوم لا يتابعون في تلك السجدة ولا تفسد عليه صلاته، ذكر هذا السؤال في «الأصل» ، ولم يذكر الجواب، ففيه إشارة إلى أن ههنا قول آخر أنه لو صلى هكذا أنه تفسد عليه صلاته، ووجه ذلك: أن هذا الرجل يصير مقتدياً وإماماً في صلاة واحدة مراراً.
بيانه: أنه حين يقوم في الركعة الأولى، فهو في الحكم كان خلف الإمام مقتدياً به؛ لأنه لاحق أدرك أول الصلاة، فإذا أدى الأمر إلى السجدة التي تركها الإمام من الركعة الأولى يصير فيها إماماً للقوم، ثم إذا قام إلى الركعة الثانية يصير مقتدياً بالإمام الأول، ويخرج من أن يكون إماماً للقوم، فإذا أدى الأمر إلى السجدة التي تركها الإمام من هذه الركعة يصير إماماً للقوم فيها، وكذلك في الركعة الثالثة والرابعة.
فهو معنى قولنا: إن هذا الرجل يصير إماماً ومقتدياً في صلاة واحدة مراراً، وإنه قبيح، لكن استحسن في الركعة الواحدة؛ لأن في الركعة الواحدة لا يتكرر خروجه من حكم الإمامة وعوده إليه.
قالوا: وينبغي لهذا الرجل على هذا القول إذا أراد أن لا تفسد صلاته أن يسجد تلك السجدات التي تركها الإمام، ويتابعه القوم فيهن، ثم يتشهد ويقدم عليه غيره حتى يسلم بهم ثم يقوم هذا الرجل ويقضي ما فاتته وحده، فلا يؤدي إلى الاستحالة التي ذكرها، إلا أنه يلزمه أمر مكروه، فإنه يصير آتياً بالسجدة قبل الإتيان بالركوع، وإنه مكروه، والله تعالى أعلم بحقائق الأمور وهو الرحيم الغفور وبه ختم الطهارات والصلاة من المحيط (١٣٠ب١) .