جئنا إلى زكاة السوائم، وبيان أحكامها والمسائل المتعلقة بها، فنقول لا بد لبيان ذلك من معرفة السائمة وألفاظ الكتب في بيان ذلك مختلفة.
ذكر الحسن في «كتابه» عن أبي حنيفة أن السائمة ما ترعى في البرية بنفسها وصاحبها يلتمس به الرَّسَل والنسل ولا يريد بيعها ولا التجارة.
وذكر القدوري في «كتابه» أن السائمة هي الراعية التي تكتفي بالرعي وبمؤنتها (من) ذلك، وهذا لأن السوائم إنما تعتبر لتحقيق الزيادة من حيث الدر والنسل والسمن، وإنما يعتبر ذلك زيادة إذا قلت مؤنة العلف، أما إذا كثرت مؤنة العلف فلا، وإن كان يعلفها أحياناً ويرعاها أحياناً يعتبر فيها الغالب، لأن أصحاب المواشي لا يجدون بداً من أن يعلفوا مواشيهم في بعض السنّة بأن اشتد البرد أو وقع الثلج على الأرض فيسقط اعتبار ذلك، واعتبر الغالب.
إلى هذا أشار محمد رحمه الله في «الأصل» حيث قال: ألا ترى إلى أهل الجبال ربما علفوا أشهراً أو أكثر، فتخرج بهذا من أن تكون مال الزكاة، أشار إلى أن العبرة للغالب.
ولو نوى أن يجعل السائمة علوفة أو عاملة ذكر في «الأصل» : أنه لا مخرج من أن تكون نصاباً؛ لأن النية لم تتصل بالمنوي، وذكر القدوري في «كتابه» : فإن كان يرعاها مع هذه النية لا مخرج من أن تكون نصاباً. وإن ترك رعيها خرج من أن يكون نصاباً؛ لأن نية جعلها علوفة أو عاملة في الحاصل نية ترك السوم؛ فإن كان يرعاها، فالنية لم تتصل بالمنوي فلا يعمل، وإن ترك رعيها فقد اتصلت النية بالمنوي، فيعمل.
وفي «المنتقى» : إذا كان للرجل غنم للتجارة نوى أن تكون للحم، فجعل يذبح كل شاة، أو كانت عنده إبل سائمة نوى أن تكون للحمولة، فإنها للحم والحمولة، وفيه أيضاً: ذكر إبراهيم عن محمد: إذا كان للرجل إبل يعمل عليها، وهي للعمل تركها ترعى أكثر من ستة أشهر فهي سائمة، وإذا رعاها أقل من ستة أشهر، فهي...... على حالها.
وكذلك الغنم إذا لم تكن سائمة ورعاها، وهو عين ما ذكره القدوري قال: وإن كانت للتجارة ورعاها ستة أشهر أو سنة لم تكن سائمة أبداً، وهي للتجارة إلا أن ينوي أن يجعلها سائمة، قال: وهذا بمنزلة رجل له عبد للتجارة أراد أن يستخدمه سنين، فاستخدمه، فهو للتجارة على حاله، وفيه زكاة التجارة إلا أن ينوي أن يخرجه عن التجارة ويجعله للخدمة.
(زكاة الإبل)
قال محمد رحمه الله: وليس في دون الخمس من الإبل زكاة، وفي الخمس شاة وفي العشر شاتان وفي خمسة عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرون بنت مخاض وهي التي طعنت في السنة الثانية، وفي ست وثلاثين بنت لبون