للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على النجس، لأن الجانب الذي وافته النجاسة إن يتنجس بالجانب الآخر بقي طاهراً، فيرد على هذا الماء النجس ماء طاهر فيطهر بإزالة النجاسة عن موضعها، فكان هذا قولاً بإزالة النجاسة عن الماء بعد ما تنجس بقدر الإمكان.

ولا يمكن اعتبار هذا المعنى في البئر لأن ماء البئر لا يرد عليه ماء طاهر لأن جوانب البئر قد تنجس بوقوع النجاسة فيه، فلا يمكن اعتبار الإزالة عن موضع الإصابة إلى موضع آخر لم يصبه، فاعتبرت الإزالة بالإخراج من الوجه الذي ورد به الأثر.

ثم جعل في «الكتاب» العصفور بمنزلة الفأرة لأنه في الجثة مثل الفأرة، فالتقدير الوارد في الفأرة يكون وارداً في العصفور.

وإن كان الواقع في البئر سنوراً أو دجاجة فأخرجت ساعة ما ماتت ينزح أربعون (١٣ب١) أو خمسون، في «ظاهر الرواية» أربعون على طريق الحتم والإيجاب، وخمسون على طريق الاستحباب لأن السنور يعدل الدجاجة في الجثة وقد ورد الأثر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الدجاجة تموت في البئر أنه ينزح أربعون دلواً فيكون وارداً في السنور دلالةً.

ففي «ظاهر الرواية» جعل جنس هذه المسائل على ثلاث مراتب: بعضهم أوجب نزح عشرين دلواً إلى ثلاثين، وذلك العصفور والفأرة وأشباههما، وفي بعضهما أوجب نزح ماء البئر كلّه وذلك في الشاة والآدمي، وفي بعضها يجب نزح أربعين دلواً أو خمسين وذلك السنّور والدجاجة ونحوهما.

وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله جعل جنس هذه المسائل على مراتب ثلاث ما ذكرنا والرابعة أوجب في الفأرة التي هي صغيرة الجثة وفي.... عشر دلاء والخامسة أوجب في الحمامة نزح ثلاثين دلواً.

وإذا وقع في البئر بعرة أو بعرتان من بعر الإبل أو الغنم فأخرجت قبل التفتت لم يتنجس البئر وإن أخرجت بعد التفتت تنجس البئر وهذا استحسان والقياس أن يتنجس البئر على كلّ حال لأن هذه نجاسة وقعت في ماء قليل فتنجسه كما لو وقعت في وعاء ووعاء الماء قليل.

وللاستحسان وجهان: أحدهما: الضرورة والبلوى بيان ذلك أن آبار الفلوات ليس لها روشن حاجز والإبل والغنم تسقى بها فتبعر حولها فتسقط في البئر أو الرياح تلقيها في البئر، فلو حكمنا بالنجاسة لضاق الأمر على الناس.

والثاني: أن البعر شيء صلب متماسك لا يمازج الماء منه شيء، والمشايخ فيما بينهم اختلفوا منهم من اعتبر الوجه الأول ومنهم من اعتبر الوجه الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>