للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاة عندنا، وهذا بناءً على أن نقصان النصاب في أثناء الحول لا يمنع وجوب الزكاة بلا خلاف، وهذا لأن الحول إنما ينعقد باعتبار المال، وبعض المال في السوائم عندنا خلافاً للشافعي، وفي عروض التجارة والدراهم والدنانير نقصان النصاب في أثناء الحول لا يمنع وجوب الزكاة إن زال بقي البعض.

فزوال ما زال إن كان يوجب بطلان الحول، فبقاء ما بقي يوجب بقاء الحول وقد عرف أن الحكم متى ثبت بعلة يبقى ما بقي شيء من العلة، وعلى هذا إذا جعل البعض علوفه في خلال الحول لا يبطل حكم الحول عندنا، وإنما يبطل إذا جعل الكل علوفة؛ لأن الحول إنما ينعقد على المال باعتبار النماء، فإذا جعل الكل علوفة، فقد زال جميع ما انعقد عليه الحول بخلاف ما إذا جعل البعض، لأن هناك بقي بعض ما انعقد عليه الحول، فبقي حكم الحول باعتباره.

وفي «فتاوى الفضلي» : سئل عمن له غنم للتجارة منها تبلغ نصاباً، فماتت في خلال الحول، فسلخها ودبغ جلدها وقيمة الجلد تبلغ نصاباً، فعليه الزكاة عند تمام الحول قال: وبمثله لو كان عصيراً للتجارة تبلغ قيمته نصاباً فتخمر في خلال الحول ثم تخللت، وقيمته تبلغ نصاباً ثم تم الحول، فلا زكاة عليه وأشار إلى الفرق فقال لا بد وأن يكون على ظهر الشاة شيء من الصوف له قيمته، فيبقى الحول باعتباره، ولا كذلك العصير.

وذكر مسألة الجلد في «المنتقى» : على نحو ما ذكرنا ولم يذكر مسألة العصير، وذكر المعنى في مسألة الجلد، فقال: الجلد في نفسه مال، لكن لا تظهر أحكام المالية لمجاورة النجاسات إياه، فمن حيث إنه مال يبقى الحول، وهذ المعنى يقتضي بقاء الحول في مسألة العصير؛ لأن الخمر عندنا مال إلا أنه ليس بمتقوم، فيبقى الحول من حيث إنه مال.h

ونص القدوري في «شرحه» أن حكم الحول لا ينقطع في مسألة العصير، وسوى بين مسألة العصير وبين مسألة الشاة.

قيل: وفي «نوادر ابن سماعة» : أن الحول لا ينقطع في مسألة العصير كما ذكره القدوري.

ولو كان له عبد للتجارة كاتبه ثم عجز ورد في الرق، ذكر في «المنتقى» : أنه لا يعود للتجارة، وقيل: وفي «الجامع» : أنه يعود للتجارة، قال في «المنتقى» : وكذلك إذا لم يكاتبه، ولكنه وهبه لرجل ودفعه إليه ثم رجع في نفسه لم تكن للتجارة، وكان هبته إياه إخراجاً له من التجارة، قال: والبيع في هذا يفارق الهبة وأشار إلى الفرق؛ فقال: ألا ترى أني لو أمرت رجلاً أن يهب عبدي هذا من فلان، فوهبه له ثم رجعت فيه لم يكن له أن يهبه له ثانياً، ولو أمرته ببيع عبد لي، فباعه ثم ردّ إليّ بعيب كان له أن يبيعه مرة أخرى.

وفي «القدوري» : إذا كان العبد للتجارة فقتله عبد خطأً، فدفع به فالثاني للتجارة؛ لأن الثاني قائم مقام الأول لحماً ودماً فيبقى حكم الأول فيه ولو قتله عبد عمداً، فصالحه المولى عن الدم على العبد أو على غيره، لم يكن للتجارة لأنه عوض عن شيء آخر هو ليس بمال، وليس بقائم مقام الأول، فلا يبقى حكم الأول والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>