للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغلام لم يبعها، فأراد المصدق أن يرد التبيع، ويأخذ المصدق المسنة أو أراد صاحب البقر أن يسترد التبيع ويأخذ المسنة أو أراد صاحب البقر أن يسترد التبيع ويأخذ المسنة لا يكون لأحدهما ذلك بدون رضا صاحبه، وأمر صاحبه البقر أن يتم زكاة الأربعين، ولا ينقض ما فعلا بتراضيهما إلا بتراضيهما، فكذا مسألة التعجيل.

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل له مائتا درهم وعشرون مثقالاً من الذهب، عجل زكاة المائتين ثم هلكت المائتان قبل تمام الحول، وبقي الذهب، فإن المؤدى يكون زكاة عن الذهب، وروي عن أبي يوسف: أن المؤدى لا يكون زكاة عن الذهب ويصير تطوعاً، وعليه زكاة الذهب وهو رواية عن أبي حنيفة، ذكر رواية أبي حنيفة أبو عبد الله البلخي في المناسك.

وجه رواية أبي يوسف: أنهما مالان مختلفان، بدليل اختلاف قدر نصابهما وواجبهما والتعيين في الجنس المختلف صحيح، وإذا صح التعيين وهلك المؤدى عنه قبل الحول يصير المؤدى تطوعاً، فتبقى عليه زكاة الذهب، والدليل عليه: إذا كان له نصاب غنم ونصاب إبل عجل زكاة (١٣٨أ١) . الغنم، ثم هلك الغنم قبل الحول لا يقع المعجل عن الإبل وطريقه ما قلنا.

وجه ما ذكر في «الجامع» : أن التعيين لم يصح؛ لأن التعيين إنما يصح في الأجناس المختلفة. وجواز التعجيل مبني على السببية، والذهب والفضة وإن كانا مختلفين حقيقة فهما في حق سببية الزكاة جنس واحد معنى، ولهذا يضم أحدهما إلى الآخر، وإذا صارا في حق، سببية الزكاة جنساً واحداً معنىً التحقا بالجنس الواحد حقيقة في حق هذا الحكم، فلا يصح التعيين إلا إذا كان في التعيين فائدة، فحينئذٍ يصح التعيين، ويعمل فيه بالحقيقة، وهما جنسان مختلفان حقيقة.

إذا ثبت هذا فنقول: لا فائدة للتعيين في الحال؛ لأن الواجب في مائتي درهم خمسة دراهم، وفي عشرين مثقال نصف مثقال، فأما إن كان قيمتها على السواء، أو كان قيمته نصف مثقال أقل أربعة، أو أكثر ستة، فإن كان قيمتها على السواء يسقط عنه خمسة، ويبقى خمسة جعل المؤدى عنهما أو عن أحدهما، فإن كان قيمة نصف مثقال أربعة يسقط عنه خمسة، ويبقى عليه أربعة جعلنا المؤدى عنهما، أو عن الدراهم خاصة، وإن كان قيمة نصف مثقال ستة تسقط عنه قدر خمسة ويبقى عليه قدر ستة، فجعلنا المؤدى عنهما، أو عن أحدهما يدل أنه لا فائدة في التعيين في الحال، وإنما الفائدة باعتبار الهلاك، فإنه إذا هلكت الدراهم تلزمه زكاة الدنانير بكماله، والهلاك موهوم. وإذا كان في فائدة التعيين، وهما لم يعتبرا جنسين، بل اعتبرا جنساً واحداً، فلا يصح. فالتعيين صار كأنه عجل خمسة ولم يعين وهناك، أو هلكت المائتان يقع المعجل عن الدنانير كذا ههنا، بخلاف ما إذا كان نصاب غنم ونصاب إبل، وعجل زكاة أحدهما؛ لأن هناك التعيين قد صح؛ لأن الجنس مختلف، ولهذا لا يضم أحدهما إلى الآخر، والتعيين في الجنس المختلف صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>