عفواً بمعنى أن الشاة تجب بدونها، ولكن إذا وجدت الزيادة، فالوجوب يتعلق بالكل.
ومن مشايخنا من قال: الشاة وإن كانت واجبة في الأربعين لا غير، مع هذا يمكن القول بسقوط بعض الواجب بهلاك الزيادة.
وبيان ذلك: أن ما وجب فيه الشاة غير معين، فأربعون من الثمانين مال الزكاة وأربعون ليس مال الزكاة، وليس أحد الأربعين..... المالين للآخر، بل كل واحد من الأربعين أهلاً نفسه؛ لأن أحد المالين إنما جعل تبعاً للآخر، إما أن يكون متفرعاً عنه كالولد، أو بأن يكون مستفاداً..... ولم يوجد شيء من ذلك ههنا، وقد اختلطا على وجه تعذر التمييز؛ لأن الذي فيه الشاة ليس بمعين، والأصل في كل مالين هذا حالهما، أنه إذا هلك شيء منها، فما هلك يجعل هالكاً من المالين، وما بقي يجعل باقياً من المالين؛ لأنه في معنى الشائع، والشائع كذلك يكون، والدليل عليه.
مسألة في «النوادر» : إذا كان للرجل ألف درهم حال عليها الحول، فاستفاد ألفاً أخرى، واختلط المستفاد بالنصاب على وجه تعذر التمييز بينهما، ثم هلك منها ألف فإنه يزكي خمسمائة، وجعل الهلاك من المالين بالطريق الذي قلنا، كذا ههنا.
وجه الاستحسان في ذلك: قوله عليه الصلاة والسلام «في أربعين شاة الشاة» وليس في الزيادة شيء حتى يبلغ مائة وواحداً وعشرين» ، فالنبي عليه السلام عفى الوجوب عن الزيادة إلى أن يبلغ مائة واحداً وعشرون، فمن جعل الشاة بشاة في الثمانين، فقد أوجب في الزيادة على الأربعين شيئاً قبل وجود نصابه، وإنه خلاف النص، والعمل بما روينا أولى من العمل بما رواه الخصم؛ لأن ما روينا محكم في حكم الواجب عن الزيادة على الأربعين، وما رواه الخصم محتمل أن يكون حتى قوله: إلى مائة وعشرون، أن الشاة واحدة في الكل، ومحتمل أن يكون معناه من الأربعين إلى مائة واحد وعشرين عفو لا يتعلق به الواجب، فكان العمل ما روينا أولى، والمعنى في المسألة: أنهما مالان اختلطا، وتعذر التمييز بينهما وأحدهما أصل هو النصاب الأول، والآخر تبع، وهو الزائد على النصاب؛ لأن الأصل ما يقوم بنفسه، ويوجد دون غيره، والتبع ما لا يقوم بنفسه، ولا يوجد دون غيره، والنصاب الأول يقوم بنفسه، ويوجد بدون الزيادة، والزيادة لا تقوم بنفسها، ولا توجد بدون النصاب الأول فهو معنى قولنا: إن النصاب الأول أصل، والزيادة عليه تبع، فيصرف الهلاك إلى التبع؛ لأن الأصلي أقوى، وصرف الهلاك إلى الأضعف أولى، ولأن في صرف الهلاك إلى التبع صيانة الواجب عن النقصان، فكان هو أولى.
وأما مسألة «النوادر» . قلنا: ما ذكر أنه يزكي خمسمائة فهو قول محمد وزفر، وهو القياس، أما على قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، وهو الاستحسان، يزال النصاب الأول الذي هو الأصل، وهو مائتا درهم ثم يصرف الهلاك إلى ما وراءه يكون ذلك جعله تبعاً