للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «القدوري» : إذا كان له أربعون من الإبل السائمة هلك منها عشرون بعد الحول، ففي الباقي أربع شياه عند أبي حنيفة؛ لأنه يجعل الهالك كأن لم يكن لكون الهالك تبعاً، وصرف الهلاك إلى التابع عنده، فيلزمه زكاة العشرين، وذلك أربع شياه، وعند أبي يوسف: يجب عشرون جزءاً من ستة وثلاثين جزءاً من بنت لبون؛ لأن الأربعة عفو، فالواجب وذلك بنت لبون في ست وثلاثين، فيبقى من الواجب بقدر الباقي، فلو كان له مائتا درهم، ودمج معها بعد الحول مائتين، ثم هلك نصفها لم تسقط هي؛ لأن الربح تابع لأصل المال بلا خلاف، فيصرف الهلاك إليه عند الكل كما صرف إلى العفو عند أبي حنيفة.

قال القدوري: والعفو عند أبي حنيفة يتصور في سائر الأموال، وعندهما لا يتصور في الذهب والفضة، إنما يتصور في السوائم بناءً على أن الزكاة تجب في الزيادة على المائتين والعشرين، عندهما خلافاً لأبي حنيفة، وفي «المنتقى» فالدين صح عن أبي يوسف، وإبراهيم عن محمد: رجل دفع زكاة ماله لثلاث سنين إلى الوالي، ثم ضاع ماله قال: رد عليه الوالي، إن كان قائماً بعينه، وإن كان فرقه، فلا شيء عليه.

وفيه: أبو سليمان عن محمد رحمه الله: رجل له جارية للتجارة قيمتها مائة درهم حال عليها الحول ثم باعها بثلثمائة درهم، ثم نوى منها مائتا درهم، قال: يزكي مائة الدرهم الباقية.

بشر عن أبي يوسف: رجل له أربعون شاة سائمة حال عليها الحول، ثم باعها بثلثمائة درهم، ولدت أربعين حملاً، ثم ماتت الأمهات بطل عنها الزكاة.

ابن سماعة عن محمد: رجل له ألف درهم حال عليها الحول ثم أقرضها رجلاً يفوت عليها مال الزكاة عليه؛ لأنه ما أخرجهما عن حد الزكاة، وإنما أقرضها ليكون له عليه مثلها، وكذلك لو كان له ثواب للتجارة حال عليها الحول، ثم أعاره رجلاً فضاع.

ومن جملة الأسباب المسقطة للزكاة موت من عليه مال، قال أصحابنا رحمهم الله: إذا مات من عليه الزكاة تسقط الزكاة بموته حتى أنه إذا مات عن زكاة سائمة، فالساعي لا يجبر الوارث على الأداء، ولو مات عن زكاة التجارة لا يجب عليه الأداء فيما بينه وبين ربه، وقال الشافعي: لا يسقط بموته؛ لأن هذا حق مال وجب في ذمته، والنيابة تجري فيه.

ألا ترى أنه لو أمر غيره بأداء الزكاة في حالة الحياة جاز، وكذا لو أوصى لوارثه بأن يؤدي زكاة ماله بعد موته يجب على الوارث أداءه، فصح ما ادعينا، أن هذا حق مال وجب في ذمته والنيابة تجري فيه، فوجب أن لا يسقط بموته قياساً على سائر الحقوق التي بهذه الصفة، وأقر بها العشر.

وإنما نقول: بأن الزكاة عبادة خالصة لله تعالى، والركن في العبادات الأداء عن اختيار، ولا اختيار للمتغيب، وما يقول: بأن هذا حق تجري فيه النيابة.

قلنا: نعم ولكن نيابة اختيارية لا نيابة جبرية، ولو وجب على الوارث الأداء ههنا

<<  <  ج: ص:  >  >>