وفي «الأصل» أيضاً إذا أدخل الصبي يده في كوز ماء أو رجله فإن عُلم أن يده طاهرة بيقين يجوز التوضؤ بهذا الماء، وإن علم أن يده نجسة بيقين لا يجوز التوضؤ به، وإن كان لا يعلم أنه طاهر أو نجس فالمستحب أن يتوضأ بغيره لأن الصبي لا يتوقى النجاسات عادة، مع هذا لو توضأ به أجزأه لأن الطهارة أصل، وفي النجاسة شك.
وفي كتاب «فقه الأمر» للإمام عبد الصمد القلانسي أنه إن كان مع الصبي رقيب فالماء طاهر وطهور، وإن كان مسيّباً في السكة فالماء مكروه كسؤر الدجاجة المخلاة، وهذا إذا أدخل الصبي يده في الإناء ولم ينو القربة، فأمّا إذا نوى القربة وتوضأ في الإناء سيأتي هذا الفصل بعد هذا في المياه المستعملة.
الجنب إذا اغتسل وانتضح من غسالته في إنائه أو على ثوبه قطرات صفار لا يستبين أثرها في الماء ولا في الثوب لا ينجسها، وإن استبان أثرها وهي ما إذا جمعت كانت أكثر من قدر الدرهم نجسته، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله.
وسئل أبو سليمان عن ماء الجنابة إذا وقع في الإناء وقوعاً يستبين أنها ليست بشيء، ومعنى قوله يستبين: أن ينفرج وجه ماء الإناء عند وقوع القطرات أو يرى عين القطرات ظاهرة.
وذكر هذه المسألة في «المبسوط» وقال: إن كان الواقع قليلاً لا يفسد الماء وإن كان كثيراً يفسده، تكلموا في حد القليل والكثير: روي عن محمد رحمه الله أنه قال: إن كان مثل رؤوس الإبر وأطراف الإبر فهو قليل، وإن زاد على ذلك فهو كثير.
وذكر الكرخي في «كتابه» : أنه إن كان مواقع القطر يستبين في الإناء فهو كثير يفسد الماء وإن كان لا يستبين فهو قليل لا يفسد الماء.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف رحمه الله: رجل جنب نزح دلواً مرة من ماء بئر وصبه على رأسه ثم استقى دلواً آخر فتقاطر من جسده في البئر، قال: هذا ليس بشيء، وإن كان الماء المستعمل نجساً عنده فكأنه أسقط اعتبار نجاسته ضرورة أن التحرز عنه غير ممكن.
حب فيه ماء أو زيت استخرج منه شيء وجعل في خابية ثم استخرج من حُب آخر فيه ماء أو زيت شيء منه، وجعل في تلك الخابية حتى امتلأت الخابية ثم وجد في الخابية فأرة ميتة ولا يدرى أن الفأرة من أي الحبين ويعلم قطعاً أنها لم تكن في الخابية قبل ذلك فما حال الحبين؟
حكي عن الشيخ الإمام نجم الدين النسفي رحمه الله أنه سئل عن هذه المسألة قال: إن غاب هذا الرجل عن الخابية ساعة يتوهم وقوع الفأرة في الخابية فالنجاسة للخابية والحبّان طاهران، وإن لم يغب حتى علم أنها من أحد الحبين، فالنجاسة تصرف إلى آخر الحبين لأن الحوادث تضاف إلى أقرب الأوقات، هذا تمام جوابه.
قالوا: ينبغي أن يقال: إذا كان كلا الحبين لرجل واحد وتحرّى ولم يقع تحرّيه على شيء تصرف النجاسة إلى آخر الحبين، فأما إذا وقع تحريه على شيء يعمل به، وهذا