للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبالفتح قبل إسلام لم يثبت حق توظيف الخراج عليهم لو ثبت حق توظيف الخراج عليهم بعد الإسلام، كان هذا توظيف الخراج على المسلم ابتداءً، والمسلم لا يبتدأ بتوظيف الخراج، بخلاف العجم ومشركي العرب من أهل الكتاب، فإنهم يتركون بالجزية والخراج بعد الفتح، فبمجرد الفتح يثبت للإمام حق توظيف الخراج عليهم، فلو وضعنا الخراج بعدما أسلموا لا يكون في هذا توظيف الخراج على المسلم، ابتداء، والمسلم لا يبتدأ بتوظيف الخراج بخلاف العجم، ومشركي العرب من أهل الكتاب، فإنهم يتركون بالجزية والخراج بعد الفتح، فبمجرد الفتح يثبت الإمام حق توظيف الخراج عليهم، فلو وضعنا الخراج بعدما أسلموا لا يكون في هذا توظيف الخراج على المسلم ابتداء.

وكذلك كل أرض أسلم عليها أهلها طوعاً، فإنها تكون عشرية، «ألا ترى أن رسول الله عليه السلام وظف العشر على أهل الحجاز واليمن، وقد أسلم أهلها طوعاً» ، فصار هذا أصلاً للعمل في كل بلدة أسلم أهلها عليها طوعاً، وكذلك كل أرض فتحت قهراً وعنوة، وقسمت بين الغانمين، فهي عشرية، عرف ذلك بفعل النبي عليه السلام في أراضي قريظة والنضير.

وكذلك كل أرض من أراضي العرب، إذا فتحت عنوة وقهراً، وأهلها من عبدة الأوثان، فأسلموا بعد الفتح، وترك الإمام الأراضي عليهم، فهي عشرية، وكذلك بلدة من بلاد العجم إذا فتحها الإمام، أو عنوة، وتردد في أن يمن عليهم برقابهم وأراضيهم، ويضع على الأراضي الخراج، وبين أن يقسمها بين الغانمين، ويضع على الأراضي العشر، فقال: جعلت الأراضي عشرية، ثم بدا له، فمنّ عليهم برقابهم، فإن الأراضي تبقى عشرية، هكذا ذكر محمد في «النوارد» ، والكرخي في «كتابه» .

ولا يكون هذا ابتداء توظيف العشر على الكافر؛ لأن وضع العشر سبق المن، فلا يكون وضعه في أرض الكافر، وكذلك المسلم إذا جعل داره بستاناً أو مزرعة، فهو عشري هكذا ذكر في «الأصل» وفي «الجامع الصغير» فمن الحنفية من مشايخنا من قال: هذا إذا كانت الأرض في الأصل عشرية بأن أسلم أهلها عليها طوعاً، فمتى جعل داره في مثل هذه الأرض بستاناً تكون عشرياً؛ لأنها كانت عشرية في الأصل، إلا أنها ما دامت أياً كأن لا يوجد (١٤٨ب١) منها شيء؛ لأنها غير نامية، فإذ جعلها بستاناً صارت نامية، فجاءت الوظيفة الأصلية.

فأما إذا كانت أرضه في الأصل خراجياً، إذا جعل داره فيه بستاناً، فإنه يكون خراجياً لما ذكرنا في طرف العشر، ومن مشايخنا من قال: العبرة في هذا للماء، فإن كانت تسقى بماء العشر، فهي عشرية، وإن كانت تسقى بماء الخراج، فهي خراجية؛ لأن وظيفة الأرض بسبب النماء، وحياة الأرض، وحصول النماء بالماء، فإن كانت تسقى من هذا مرة، ومن هذا أخرى فالعشر أحق بالمسلم؛ لأن فيه معنى العبادة.

وكذلك أرض الخراج إذا انقطع عنها ماء الخراج، وصارت تسقى بماء العشر، فهي عشرية لما ذكرنا أن وجوب وظيفة الأراضي بسبب النماء، فإذا انقطع عنها ماء الخراج، وصارت تسقى بماء العشر كان النماء بسبب ماء العشر، وكذلك أرض الموات إذا أحييت

<<  <  ج: ص:  >  >>