لأنه لو لم يزرع فيها شيئاً يؤخذ منه قفيز ودرهم، فإذا زرع وخرج شيء قليل أولى.
وذكر في بعض روايات، أنه إذا كان الخارج أقل من عشرين درهماً يؤخذ منه قفيز ودرهم؛ لأنه قد كان فيها قفيز ودرهم، فيبقى ذلك حتى يحصل له ريع الكرم عادة ذكر القاضي الإمام صدر الإسلام في شرح كتاب «العشر والخراج» : إذا زرع في الأرض الخراج الأشجار التي ليست لها ثمرة مثل الحلاف وأشباهه، ففيها قفيز ودرهم، إذا كان جريناً؛ لأنها في معنى الزرع؛ لأنها تقطع وتباع.
وذكر أيضاً: إذا غرس نخيلاً وأشجاراً أخرى مثمرة تلتف في جميع الأرض، وهي جرين ففيها عشرة دراهم، وإن لم يبلغ، هكذا ذكر في بعض الروايات بخلاف شجر الكرم؛ لأن شجر الكرم ليس لها قيمة كثيرة، بل قيمتها مثل قيمة الزرع، فيجب فيها ما يجب في الزرع إلى أن يبلغ، فإن قيمة الأشجار والنخيل المثمرة كثيرة مثل قيمة الكرم المدركة، فيجب فيها ما يجب في الكرم المدركة، وإذا استأجر الرجل أرضاً، وزرعها أو استعار أرضاً وزرعها، والخراج خراج وظيفة، فالخراج على الأجر والمعير؛ لأن الخراج الوظيفة وعُدَّ به معتمد التمكن من الزراعة، وصاحب الأرض يمكن من الزراعة ههنا؛ لأن المستأجر والمستعير إنما تمكنا من ذلك بتمكنه.
وإن غصب من آخر أرضاً، وزرعها، والخراج خراج وظيفة، فإن لم تنقص الزراعة الأرض، فالخراج على الغاصب؛ لأنه بقدر إيجابها على المالك أمكن إيجابها على الغاصب، بيانه: أن وجوب خراج الوظيفة إن كان يعتمد سلامة الخارج، فالخارج لم يسلم للمالك لا حقيقة، وهذا ظاهر، ولا حكماً؛ لأنه لم يسلم له بدل ما استوفى الغاصب من منفعة الأرض شيء، فهي لم تنقص الزراعة الأرض حتى يجعل سلامة البدل له كسلامة المبدل، فإن كان يعتمد التمكن من الزراعة، فالمالك لم يتمكن من الزراعة؛ لأن الكلام فيما إذا كان الغاصب جاحداً، ولم يكن للمالك بينة عادلة حتى لو كان الغاصب مقر، وكان للمالك بينة عادلة، فقد اختلف المشايخ.
قال بعضهم: يجب الخراج على المالك.
وقال بعضهم: يجب على الغاصب على كل حال، وإن تمكن المالك من الزراعة، إلا أنه يسقط التمكن إذا خرج الحب، ويتعلق الواجب بالحب، ألا ترى أنه يسقط الواجب إذا فات الحب من غير صنع صاحب الأرض ورضاه بأن اصطلم الزرع آفة؟ على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وروي عن أبي يوسف أن الخراج على المالك في هذه الصورة، وأما إذا أنقصتها الزراعة غرم الغاصب النقصان، وعلى قول أبي حنيفة: الخراج على رب الأرض؛ لأن الخارج قد سلم للمالك اعتباراً حيث سلم له بدله، وهو رواية عن أبي يوسف، وعن محمد روايتان:
في رواية، قال: إن كان النقصان أقل من الخراج، فالخراج على الغاصب، ويدخل في ذلك النقصان حتى لا يضمن الغاصب لرب الأرض نقصان الأرض.
وإن كان النقصان مثل الخراج وأكثر منه، فالخراج على رب الأرض.