قال محمد رحمه الله في «الأصل» : ويجب على الرجل الحر المسلم الغني أن يؤدي صدقة الفطر عن نفسه، ورقيقه كفاراً كانوا أو مسلمين إذا لم يكونوا للتجارة، وكذا عن مدبريه وأمهات أولاده ولا يخرج عن مكاتبه، ولا عن رقيق مكاتبه، ولا يجب على المكاتب أيضاً، والمعتق البعض عند أبي حنيفة بمنزلة المكاتب، وعندهما بمنزلة حر عليه دين، فإن كان الفاضل عن دين السلعة ما يساوي مائتي درهم سوى ما يحتاج إليه في الحال تجب عليه صدقة الفطر.
ويخرج عن عبده الذي في يدي غيره بإجارة أو عارية أو وديعة وكالعبد المرهون، ففي ظاهر الرواية تجب صدقة الفطر على الراهن إذا كان عبده وفى له بالدين وفضل مائتي درهم، وإن كان فضل مائتي درهم في المرهون فهما سواء، ولا يخرج عن الآبق والمغصوب المجحود، ويخرج صدقة الفطر عن عبده المأذون المديون، وأما مماليك هذا العبد فإن كانوا للتجارة، فلا يخرج عنهم سواء كان على المأذون دين أو لم يكن، وأما إذا كان اشتراهم المأذون للخدمة بإذن المولى، فإن لم يكن على المأذون دين يجب على المولى صدقة فطرهم، وإن كان على المأذون دين لا يجب على المولى صدقة فطرهم عند أبي حنيفة خلافاً لهما.
وإذا كان العبد بين رجلين فلا صدقة على واحد منها عندنا، وهذا بناءً على أن عندنا الوجوب على المولى بسبب الملك، والملك لم يكتمل، وإذا كان عدد من العبيد بين رجلين، فلا صدقة على واحد منهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: تجب على كل واحد منهما ما يحصه بالقسمة من العدد، لو قسم بناءً على أنه عند أبي حنيفة الرقيق لا يقسم قسمة واحدة، فلم يملك كل واحد منهما ملكاً تاماً، ومحمد رحمه الله يرى قسمة الرقيق، وكذلك أبو يوسف؛ لأن أبا يوسف رحمه الله لم يوجب ههنا لعدم الولاية،
وإذا كانت الجارية مشتركة بين رجلين، فجاءت بولد، فادعياه، فلا صدقة على واحد منهما في الأم، فأما الولد، فقال أبو يوسف: على كل واحد منهما صدقة تامة، وقال محمد: عليهما صدقة واحدة، وإن كان أحدهما فقيراً والآخر موسراً، أو كان أحدهما ميتاً، فعلى الآخر صدقة تامة عندهما.
ولا يجب على الرجل صدقة الفطر عن أولاده الكبار سواء كان لهم مال، أو لم يكن، وسواء كانوا أصحاء أو زمنين في ظاهر رواية أصحابنا، وأما الأولاد الصغار، فإن كان لهم مال، فإنه يؤدي من مالهم صدقة فطرهم وصدقة فطر مماليكهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافاً لمحمد رحمه الله، وكذلك الوصي على هذا الخلاف،
وإن لم يكن للصغير مال، فإنه يجب على الأب صدقته دون صدقة فطر مماليكه،
وفي «البقالي» : والقاضي كالولي في الأداء من مال الصغير، والمعتوه والمجنون بمنزلة الصغير، سواء كان الجنون أصلياً بأن بلغ مجنوناً، أو كان الجنون عارضاً، هو الظاهر من المذهب، ولا يخرج عن سائر قرابته، وإن كانوا في عياله، وكذا لا يخرج عن