للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بداية واحدة وختماً واحداً لجميع السبعة، ولم يقل: بدأ بالصفا وختم بالمروة في كل مرة، وإنما يستقيم ذكر بداية واحدة، وختم واحد لجميع السبعة إذا اعتبرنا بالذهاب من الصفا إلى المروة شوطاً، والرجوع من المروة إلى الصفا شوطاً.

ثم لا خلاف بين أصحابنا أن الذهاب من الصفا إلى المروة شوط محسوب من أشواط السبعة، أما الرجوع من المروة إلى الصفا هل هو شوط؟ لم يذكر محمد هذا الفصل في «الكتاب» نصاً، ولكن أشار إلى أنه شوط آخر.

وقال الطحاوي: لا يعتبر الرجوع من المروة إلى الصفا شوطاً آخر، والصحيح ما أشار إليه في «الكتاب» ، ثم إذا فرغ من ذلك يقيم بمكة حراماً حتى يجيء يوم التروية يطوف بالبيت كلما بدا له، ويصلي لكل أسبوع ركعتين، ولكن لا يسعى عقيب سائر الأطواف في هذه المدة، ثم إذا جاء يوم التروية خرج من مكة بعدما طلعت الشمس.

روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله: إذا صلى الصلاة بمنى غدا إلى عرفة، ونزل به في أي موضع شاء، إلا أنه لا ينزل على الطريق كيلا يضر بالمارة، وينتظر زوال الشمس، فإذا زالت الشمس يصعد الإمام المنبر، ويجلس ويؤذن، ويخطب الإمام خطبتين بينهما جلسة خفيفة، فإذا فرغ من الخطبة يقيم المؤذن، ويصلي الإمام بالناس الظهر ركعتين إن كان مسافراً، ثم يقوم المؤذن، ويقيم ثانياً، ويصلي الإمام بهم العصر في وقت الظهر من غير أن يشتغل بالنافلة بين الصلاتين يعني غير سنّة الظهر، وإنما قدمنا الخطبة على الصلاة ههنا؛ لأن المقصود من الخطبة ههنا تعليم الناس المناسك.

ومن جملة المناسك الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر، وإذا اشتغل بالنافلة بين الصلاتين يعيد الأذان للعصر، إلا رواية شاذة عن محمد.

وإن لم يدرك الجمع مع الإمام الأكبر، فأراد أن يصلي وحده في رحله أو بجماعة بدون الإمام الأكبر صلى كل صلاة في وقتها عند أبي حنيفة.

وقال أبو يوسف ومحمد: كما فعل مع الإمام الأكبر، فالحاصل أن عند أبي حنيفة شَرْط جواز الجمع بين صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر يوم عرفة إحرام الحج، والإمام الأكبر، وعندها إحرام الحج لا غير.

وههنا فصل لا بد من معرفته أن إمام مكة إمام الحاج في صلاة الظهر والعصر، فإن كان مقيماً يصلي بهم صلاة المقيمين، ويصلي العصر في وقت الظهر، والإمام عند أبي حنيفة رحمه الله شرط جواز الجمع، أما القصر ليس بشرط جواز الجمع، وإن كان مسافراً يصلي صلاة المسافرين، ويقول لأهل مكة: أتموا صلاتكم يا أهل مكة، ولا يجوز للإمام بمكة أن يقصر الصلاة؛ إذا لم يكن مسافراً، ولا للحجاج أن يقتدوا به إذا كان يقصر الصلاة لأنه إذا لم يكن مسافراً كانت صلاته أربعاً، والمسافر إذا اقتدى بالمقيم يصير فرضه أربعاً، فإذا قصروا لا تجوز صلاتهم.

قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: كان القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله يقول: العجب من أهل الموقف أنهم يتابعون إمام مكة في قصر

<<  <  ج: ص:  >  >>