للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «المنتقى» : المحرم إذا دلّ حلالاً على صيد، وقتله الحلال، فلا ينبغي للدال أن يأكل منه، وإن حل من إحرامه، وكذلك غيره من المحرمين، ولا بأس للحلال أن يأكله بأربع شرائط:

أحدها: أن يتصل بها القتل؛ لأن كونها مفوتة للأمن على شرف الزوال بترك المدلول أخذه، وقراره عن ذلك المكان، فكان كالمغصوب قبل الهلاك.

والثاني: بأن لا يكون المدلول عالماً بمكان الصيد؛ لأنه إذا كان عالماً به ففوات الأمن لا يكون مضافاً إلى الدلالة.

الثالث: أن يصدقه (١٧٤أ١) المدلول في دلالته، ويتبع أثره، أما إذا كذبه في دلالته وإن تبع أثره حتى دله آخر، فصدقه واتبع أثره، فقتله، فلا جزاء على الدال الأول؛ لأن فوات أمن الصيد لا يكون مضافاً إلى دلالته إذا كذبه في دلالته.

الرابعة: أن يأخذ المدلول الصيد، والدال محرم، فأما إذا حل الدال من إحرامه قبل أن يأخذه المدلول، فلا جزاء على الدال؛ لأن الدلالة إنما تتم جناية عند فوات الأمن عن الصيد بإثبات الآخذ يده عليه، فإذا لم يكن الدال محرماً وقت الأخذ لا يتم فعله جناية.

ومسائل الدلالة أقسام:

أحدها: محرم دل محرماً على صيد، فقتله المدلول، فعلى كل واحد منهما جزاء كامل، ذكره في «الأصل» .

والثاني: محرم دل حلالاً على الصيد، فقتله المدلول، فعلى الدال قيمته، ولا شيء على الحلال ذكره في «الأصل» أيضاً.

والثالث: حلال دل محرماً على صيد، والحلال في الحرم فقتل المحرم الصيد، فليس على الدال الجزاء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وقولهما ذكر في «الجامع الكبير» ، وهكذا ذكر في «المجرد» عن أبي حنيفة، وفي «الهارونيات» قال: على الحلال نصف قيمته.

محرم رأى صيداً في موضع لا يقدر عليه، فدله محرم آخر على الطريق إليه، فذهب فقتله كان على الدال الجزاء؛ لأن دلالته على الطريق كدلالته على الصيد.

وكذلك لو أن محرماً رأى صيداً دخل غاراً، فأقبل رجل يطلبه، فدله المحرم على باب الغار فأخذه وقتله، فعلى المحرم جزاؤه، وكذلك لو رأى محرم صيداً في موضع لا يقدر عليه بوجه من الوجوه إلا أن يرميه بشيء، فدله محرم آخر على قوس، ونشاب ودفع ذلك إليه فرماه وقتله، فعلى كل واحد منهما الجزاء.

محرم استعار من محرم سكيناً ليذبح صيداً له، فأعاره فذبح به الصيد، فلا جزاء على صاحب السكين،

وفي «السير» : إن عليه الجزاء، قال الشيخ أبو العباس الناطفي رحمه الله: ما ذكر في «الأصل» محمول على ما إذا كان المستعير يقدر على ذبحه بغيره، أما إذا لم يقدر على ذبحه بغيره يضمن كما ذكر في «السير» .

<<  <  ج: ص:  >  >>