المعروف، «ولا يقطع شجرها» والمعنى: أن في تبقية أشجار الحرم عمارة البقعة، فقلعها يتضمن خرابها؛ ولأن صيد الحرم يأوي إلى أشجار الحرم، ويستظل بظلها، ويأخذ الوكر في أغصانها؛ ففي قلعها إيحاش صيد الحرم، واعلم بأن الشجر الحرام أنواع أربعة: ثلاث منها يحل قطعها والانتفاع بها من غير جزاء، وواحدة لا يحل قطعه منها ولا الانتفاع بها من غير جزاء، وإذا قطعها رجل فعليه الجزاء.
بيان الثلاث: كل شجر أنبته الناس، وهو من جنس ما ينبته الناس، وكل شجر أنبته الناس، وهو ليس من جنس ما ينبته الناس، وكل شجر نبت بنفسه، وهو من جنس ما ينبته الناس.
بيان الواحدة: كل شجر نبت بنفسه وهو ليس من جنس ما ينبته الناس، ويستوي في الواحدة أن تكون مملوكة لإنسان، أو لم تكن، حتى قالوا في رجل نبت في ملكه أم غيلان، فقطعه إنسان فعليه قيمة لما أهلكه، وعليه قيمة أخرى لحق الشرع بمنزلة ما لو قتل صيداً مملوكاً في الحرم، وبعد ما أدى جزاء الشجرة يكره للقاطع الانتفاع بها، وإنما كره كيلا يتطرق الناس إلى مثله، فلا يؤدي إلى استئصال شجر الحرم.
وفي «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله: لا بأس لغيره من محرم أو حلال أن ينتفع به قال: وما جف من شجر الحرم أو تكسّر، فلا بأس بالانتفاع به؛ لأنه ليس شجر الحرم حقيقة؛ لأنه لا نمو له بل هو حطب الحرم، ولا حرمة لحطب الحرم.
قال هشام: قلت لمحمد: ما تقول في شجرة يابسة في الحرم القلع؟ قال: إن كانت عروقها لا تسقها فلا بأس بأن تقطع يعني العروق اليابسة، قال: لأنها حطب معنى قلع شجرة في الحرم حتى وجب عليه قيمتها فغرس المقلوع ... (١٧٧ب١) فلأن يقطع ويصنع به ما شاء من غير جزاء، والعبرة في هذا الباب لأصل الشجر لا للأغصان حتى أنه لو كان الأصل في الحرم وعلى قاطع أغصانها، وهذا لأن الأغصان تابعة؛ لأن قواها بأصل الشجرة والعبرة للأصل النفع، وإن كان بعض الأصل في الحل، والبعض في الحرم، فهي شجر الحرم، وعلى قطع الأغصان القيمة سواء كان الغصن من جانب الحل أو من جانب الحرم، ثم إذا وجبت القيمة في شجر الحرم يتصدق بها، ولا يجزىء فيه الهدي ولا الصوم، وعن أبي يوسف في «المنتقى» : وإن شاء اشترى به هدياً.
وأما حكم الحشيش قال محمد رحمه الله في «الأصل» : لا يختلى حشيش الحرم ولا يقطع إلا الإذخر بلا خلاف، فإنه بلغنا أن رسول الله عليه السلام رخص في الإذخر، فكان يحرم قطع الحشيش، وهو القطع بالمنجل، يحرم إرسال البهيمة على