للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحرم، فإن بعثت رجلاً، فإن دام عدم المحرم إلى وقت الموت فذلك جائز، كالمريض إذا أحج عنه فدام به المرض.

ولو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في وقت لا يقدر على الحج ثم مات، ذكر في اختلاف زفر ويعقوب أن على قول أبي يوسف: يجب الحج، وعلى قول زفر: لا يجب، قال البلخي: وقد روي عن أبي يوسف أنه يجب قضاءً، وعن أبي يوسف رحمه الله روايتان، قيل: وكان عن أبي حنيفة روايتان أيضاً.

وكذلك على هذا إذا أصاب مالاً، واستهلكه أو هلك المال في وقت لا يقدر على الحج. والفتوى: على أنه لا يجب عليه الحج وهو الأظهر. وروى الحسن عن أبي حنيفة إذا أتى بالإحرام في الميقات يعني الحاج يقول: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبل مني عن فلان.

إذا حج الرجل مرة، ثم أراد أن يحج مرة، فالحج مرة أخرى أفضل له أم الصدقة، فالمختار أن الصدقة أفضل له؛ لأن نفع الصدقة يعود إلى الفقير، ونفع الحج يقتصر عليه.

في «العيون» : إذا أراد الرجل أن يخرج إلى الحج وأبوه كاره، فإن كان الأب مستغنياً عن خدمته لا بأس بذلك؛ وإن لم يكن مستغنياً لا يسعه الخروج.

وذكر في «السير الكبير» إذا كان لا يخاف عليه لذلك الضيْعة فلا بأس بالخروج، وكذلك إن كره خروجه زوجته وأولاده ومن سواهم ممن يلزمه نفقتهم، وهو لا يخاف الضيْعة عليهم، فلا بأس بأن يخرج، ومن لا يلزمه نفقته لو كان حاضراً، فلا بأس بالخروج مع كراهيته، وإن كان يخاف الضيعة عليه.

وذكر في «فتاوى أبي الليث» : إذا كان الابن أمرداً صبيح الوجه فلا بأس أن يمنعه عن الخروج حتى يلتحي، وإن لم يكن كذلك إلا أن أبواه يحتاجان إلى النفقة، ولا يمكنه أن يخلف لهما نفقة كاملة، أو يمكنه إلا أن الغالب هو الخوف في الطريق، فلا يخرج مع كراهيته، وإن كان الغالب هو السلامة، فلا بأس بالخروج.

في «فتاوى أبي الليث» : الخروج إلى الحج راكباً أفضل من الخروج ماشياً؛ لأن المشي يجهد الإنسان، ويسيء خلقه، فلا يأمن أن يأثم في إحرامه.

فيه أيضاً: رجل وجب عليه الحج، فحج من عامه فمات في الطريق، فليس عليه أن يوصي بالحج إلا أن يتطوع؛ لأنه لم يؤخر بعد الإيجاب، شكَّ الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله عمن قال: اللهم نريد الإحرام هل يصير محرماً؟ قال: على قياس قول أبي حنيفة يجب أن يصير محرماً؛ لأنه يجوز الشروع في الصلاة بقوله: اللهم، فأولى أن يجعله محرماً به، روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله قال: أقل ما يجب أن يكون بين الناس وبين الجماعة في حال ما بين من عشرة أذرع، والله أعلم بالصواب. ويتلوه كتاب النكاح (١٨٦ب١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>