للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القدح فى نسب العبيديين، وجلس أبو الفتوح بالمسجد، وحضر إليه جماعة من أهلها؛ لأنه كان بلغهم ما قدم بسببه، وكان حضر معهم قارئ يعرف بالركبانى، فقرأ بين يدى أبى الفتوح فى المجلس ﴿وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ* أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَ هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَ هُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* قاتِلُوهُمْ﴾ (١) قال: فماج الناس وكادوا أن يقتلوا أبا الفتوح ومن معه من الجند، وما منعهم من السرعة إلى ذلك إلا أن البلاد كانت للحاكم، فلما رأى أبو الفتوح ما الناس عليه قال: الله أحقّ أن يخشى، والله لا أتعرض إلى شئ من ذلك، ودع الحاكم يفعل فىّ ما أراد. ثم استولى عليه ضيق الصدر وتقسيم الفكر، كيف أجاب؟! فما غابت الشمس فى بقيّة ذلك اليوم حتى أرسل الله ريحا كادت الأرض تزلزل منها حتى دحرجت الإبل بأقتابها والخيل بسروجها كما تدحرج الكرة على وجه الأرض، وهلك خلق كثير من الناس، وانفرج همّ أبى الفتوح وذهب روعه من الحاكم لمّا أرسل الله تلك الرياح التى شاع ذكرها فى الآفاق؛ لتكون له حجة عند الحاكم من الامتناع من نبش القبور الكريمة. ثم عاد أبو الفتوح إلى مكة، وعاد بنو الحسين إلى المدينة (٢).


(١) سورة التوبة الآيات ١٢ - ١٤.
(٢) العقد الثمين ٤:٧٧،٧٨، ودرر الفرائد ٢٤٨،٢٤٩. وانظر مآثر الإنافة ١:٣٢٧،٣٢٨. وجاء فى هامش الأصول امام هذا الخبر «حادثة شنيعة».