للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجاز؛ فإنى راض من الغنيمة بالإياب، ومتى لم تفعل اضطررت إلى أن أركب فرسى وأركب التغرير فى طلب النجاة. فشجعه وثبته وأخذ يفكر فى خلاصه، وطال الأمر على أبى الفتوح؛ فركب دابته إلى المفرّج والد حسّان سرّا وأخبره بخبر أولاده، فقال له: وما تريد منى؟ قال له أبو الفتوح: إنى فارقت نعمتى، وكاشفت الحاكم؛ وذلك لركونى إلى ذمامكم، وسكونى إلى مقامكم، ولى فى عنقك مواثيق، وأنت أحق من وفى؛ لمكانك من قومك ورياستهم، وإن خير ما ورثه الإنسان ولده (١) ما يكون له به الحمد والشكر وحسن الذكر، وأرى حسّانا ولدك قد أصلح نفسه مع الحاكم، واتبعه أكثر أصحابه، وأنا خائف من غدره بى، وما أريد إلا أن تجاوبنى (٢) على حقى عليك بأن تبعث معى من يوصلنى إلى مكة، ولا تحوجنى إلى أن أركب فرسا أملس وأهرب بنفسى فتخطّفنى العرب. فضمن له مفرّج ذلك، ووعده بالسلامة، وبعث معه جماعة من طيئ، ولم يزالوا معه حتى بلغ مكة. وقيل إن مفرّجا ركب معه وسيّره إلى وادى القرى، فتلقاه أصحابه، وكاتب الحاكم واعتذر له، فعذره. ويقال إن آل الجراح شفعوا لأبى الفتوح عند الحاكم فولاّه مكة (٣).


(١) كذا فى م والعقد الثمين ٤:٧٤. وفى ت «من والده».
(٢) فى الأصول «تجارينى»، والمثبت عن المرجع السابق.
(٣) وانظر المنتظم ٧:١٦٤،١٦٥، والبداية والنهاية ١١:٣٠٩،٣١٠، والعقد الثمين ٤:٦٩ - ٧٤، وشفاء الغرام ٢:١٩٤،١٩٥.