للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها حج ركب العراق بعد انقطاعه سنتين، وسبب ذلك [أن] (١) جماعة من أعيان خراسان قصدوا يمين الدولة أبا القاسم محمود بن سيكتكين وقالوا له: أنت سلطان الإسلام، وأعظم ملوك الأرض، وأثرك فى الجهاد مشكور، وأنت فى كل سنة تفتح من بلاد الكفر قطعة، والحج قد انقطع كما ترى، والثواب فى فتح طريقه أعظم والتشاغل به أوجب، وقد كان بدر بن حسنويه يسير الحاج بتدبيره وماله عشرين سنة، وما فى أصحابك إلا من هو أكبر شأنا منه وأعظم، فانظر لله واجعل لهذا الأمر حظّا من اهتمامك. فتقدم السلطان محمود إلى قاضى القضاة فى مملكته أبى محمد الناصحى (٢) بالتأهب للحج، وأعطاه ثلاثين ألف دينار يعطيها للعرب، سوى ما سيّره للصدقات، ونادى فى سائر أعمال خراسان بالحج؛ فاجتمع خلق كثير عظيم وساروا، فلما بلغوا فيد حصرهم العرب فبذل لهم الناصحى (٢) خمسة آلاف دينار فلم يقنعوا وصمموا العزم على أخذ الحجاج، وكان مقدمهم رجلا يقال له جماز (٣) بن عدى-بضم العين-من بنى نبهان، وكان جبارا، فركب فرسه وعليه درعه وسلاحه، وجال جولة يرهب بها. وكان فى جماعة السمرقنديين


(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) فى الأصول «المناصحى» والمثبت عن الكامل لابن الأثير ٩:١٢١، والمنتظم ٨:٢، والبداية والنهاية ١٢:١١، والنجوم الزاهرة ٤:٢٥٥.
(٣) فى الأصول ودرر الفرائد «حماد» والمثبت عن المنتظم ٨:٢، والبداية والنهاية ١٢:١١، والنجوم الزاهرة ٤:٢٥٥.