للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لو [لم] (١) يمزجه الأنس به ما طابت عيشتى، فكنت تارة أنظر إليه بعين الهيبة (٢) فيشتد تعظيمى له، وتارة بعين لطف مالكه فآنس بالبيت أنس العبد ببيت سيّده، فرأيت من قلّة احترام ساكنى البلد للبيت عجائب؛ وما ذلك إلا لأنى أنا رأيته بعين الهيبة (٢) ورأوه بعين المادة؛ فهم يرون الحجارة، وأنا أرى الإضافة، وهذه كانت محنة إبليس فإنه نظر إلى المادة ونسى الاختصاص والأمر. فسبحان من أسكن حرمه مثل أولئك!! حتى إن منهم من يأخذون المكس على رءوس الحجاج، وما قلقت بشئ قط قلقى من فعلهم ذلك، وكان معنا شيخ بغدادى من التجار، يتولّى لهم أخذ المكس، فهجرته، ورأيت خلقا من أصحابنا لم يتغيروا عليه؛ فهم يؤاكلونه ويشاربونه، فعلمت أن الإيمان بارد فى قلوبهم. ورأيت من عبيد مكة من استلاب الأموال وقلّة الاحترام للمكان ما أزعجنى. ومن عجائب ما رأيت أنهم كانوا يمشون بين يدى الخطيب يوم الجمعة بمقارع (٣) تضرب على غفلة تزعج المكان والناس، فأنكرت هذا، فقيل: هذا شعارهم. فقلت: بئس الشعار؛ هذا مكان يجب احترامه عن رفع الأصوات والأذان يكفى.


(١) إضافة عن درر الفرائد ٦٩٩.
(٢) كذا فى الأصول. وفى المرجع السابق «بعين النسبة».
(٣) فى الأصول ودرر الفرائد ٧٠٠ «بمقلاع» ولعل الصواب ما أثبته؛ فإن المقلاع هو ما ترمى به الحجارة، أما المقرعة فهى خشبة أو جريدة على صفة مخصوصة تحدث صوتا عند الضرب بها (المحقق).