للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنما نودى فى القاهرة ومصر وقلعة الجبل بقتل ألدمر فى فتنة كانت بمكة فى هذا اليوم، وتحدّث الناس بذلك حديثا فاشيا إلى أن بلغ السلطان وأمراء الدولة، فلم يعبئوا به وجعلوه من ترهات العامة.

وأغرب من ذلك أن الأمير علم الدين سنجر الخازن كان كاشفا بالغربية من نواحى القاهرة، فلما عاد إلى منزله بعد صلاة عيد الأضحى وافاه أحد غلمانه - وقد حضر إليه من القاهرة - فأخربه أنه أشيع بالقاهرة أن فتنة كانت بمكة قتل فيها الأمير ألدمر أمير جندار؛ ١٤٨ فسخر من قوله وقال: هذا كلام لا يقبله عاقل. وأخذ الخبر ينتشر حتى تحدث به كل أحد (١).

وفيها حج العراقيون ومعهم فيل بعثه أبو سعيد بن خربندا ملك العراق لحمل المحمل؛ فتشاءم الناس به. وقالوا: هذا عام الفيل.

فكانت الفتنة بمكة، وقتل ألدمر [وكان] (٢) ما كان. وحضروا بالفيل المواقف كلها، وساروا به إلى المدينة. فلما وصل إلى الفريش (٣) - بالتصغير - قبيل البيداء التى ينزل فيها إلى ذى الحليفة


(١) وانظر هذه الأحداث فى البداية والنهاية ١٤٩:١٤، والعقد الثمين ٣:
٣٢٧ - ٣٢٩، وشفاء الغرام ٢٤٥:٢، ٢٤٦، والسلوك للمقريزى ٢/ ٢:
٣٢٣ - ٣٢٥، والنجوم الزاهرة ٢٨٢:٩، ٢٨٣، ودرر الفرائد ٣٠٢ - ٣٠٤.
(٢) إضافة على الأصول.
(٣) الفريش: فى وفاء الوفا ٣٥٥:٢ «فرش ملل والفريش - مصغرة - معروفان قرب ملل، يفصل بينهما واد يقال له مثغر، كان بهما منازل وعمائر، وكان كثير بن العباس ينزل فريش ملل على اثنين وعشرين ميلا من المدينة».