للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسيرون كيف شاءوا، فإذا دخلوا إلى مضيق وقف [أمير] الحاج بنفسه وعقّبهم؛ فساروا تطارا أو قطارين بحسب الحال حتى يخلصوا من المضيق بغير قتال، فيسيروا كيف شاءوا. ثم لما تغيّرت الأحوال، وولى الأمور غير أهلها قلّت عناية أمير الحاج بما ذكر؛ فصار الناس فى المضايق يفضى بهم الحال إلى القتال، وإسالة الدماء، وكسر الأعضاء، وغلبة الأقوياء على الضعفاء. ثم لما ولى الأمير كزل العجمى الحاجب إمارة الحاج فيما تقدّم جبى من الحاج مالا كثيرا حتى عقّبهم فى المضايق؛ فقصد الأمير جمال الدين بما فعله خيرا.

فكان فيه خير من وجه وشر من وجه. أما خيره فراحة الناس من الازدحام فى المضايق. وأما شره فإن الأقوياء والأعيان يسيرون أولا، وضعفاء الناس لا يزالون فى الأعقاب؛ فإذا نزلوا لا تقدر الساقة ترحل حتى يرحل من تقدم؛ فيصيرون طوال سيرهم فى عناء. وأحسن من ذلك ما كان الناس عليه فى تعقيبهم عند المضايق من غير غلبة ولا قتال. واستمر ما رتبه الأمير جمال الدين فى كل عام. واتفق أن المغاربة انضم إليهم فى عودهم من مكة حاج الإسكندرية وغزة والقدس، فنهبوا جميعا، ونزل بالمغاربة بلاء كبير (١).

وفيها مات إمام مقام إبراهيم الخليل أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى، فى تاسع عشر صفر، ونزل فى مرض موته عن نصف الإمامة المتعلق به لابنه أبى الخير (٢).


(١) السلوك للمقريزى ٥٣:٤/ ١، ٥٤، ودرر الفرائد ٩١، ٩٢، ٣١٨.
(٢) العقد الثمين ٢٨٢:١ برقم ٣، والضوء اللامع ٢٨٧:٦ برقم ٩٦٢.