مكة لم يسهل بصاحب اليمن. فتوجّه جابر إلى مصر، وأخذ يؤذى صاحب مكة؛ فلم يقبل منه، وصودر، وبعث به معتقلا إلى صاحب مكة، فوصلها مع الحاج فى الموسم، ودخلها والزنجير فى حلقه، ورآه صاحب مكة وهو على هذه الصفة فحيّاه بالسلام، وأقام بمنزل أمير الحاج برباط الشرابى عند الأمير، وكان يخرج ليلا للطواف مع غلمان الأمير، فلما كانت ليلة يوم التروية خرج كذلك وانفلت ممن هو موكل به، ومضى إلى القائد شكر بن راجح العمرى - وكان موادا له - فأجاره، فعرف به السيد حسن وجمعه عليه بعد أن توثق منه؛ فعفا عنه السيد حسن. فلما انقضى الموسم ظهر جابر، وكثر تردده للسيد حسن، وحلف كل منهما للآخر على الوفاء بالصحبة، ففوض إليه السيد حسن أمر جدة؛ فحصل له ما أرضى به صاحب اليمن من التجار من غير كبير ضرر يلحقهم فى ذلك (١).
وفيها كان بمكة غلاء، بلغت الغرارة الحنطة عشرين أفلوريا ذهبا فى أيام من ذى القعدة، وبعد ذلك فى أيام منى، وبأثر سفر الحاج من مكة فى هذه السنة أيضا، ودام ذلك إلى انقضاء الحج، وبلغ المد التمر بعد الموسم ثمانية مسعودية. وكان الغلاء فى الموسم هذه السنة عاما فى جميع المأكولات، بيع الدقيق كل ويبة مصرية بأفلوريين وعشرة دراهم، وويبة الشعير بأفلورى وعشرة دراهم والأرز كل ويبة بعشرة أفلورى، والرطل البقسماط بعشرة دراهم فضة، والنوى لعلف الدواب