للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقام فلقى هند بنت عتبة بن ربيعة فقال لها: قد باينت محمدا يا بنت عتبة، وأبيت ما جاء به، ونصرت العزّى، وغضبت لها.

فقالت له هند: جزيت خيرا يا أبا عتبة (١).

ولما قال أبو لهب للنبى : تبّا لك سائر اليوم، أنزل الله تعالى ﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ﴾ فلما نزلت أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب (٢)، امرأة أبى لهب، ولها ولولة وبيدها فهر (٣)، ورسول الله جالس فى المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله لو تنحّيت عنها، لا تسمعك شيئا يؤذيك؛ فإنها امرأة بذيئة.

ويروى: قال: يا رسول الله، قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك.

فقال رسول الله : إنها لن ترانى، وسيحال بينى وبينها. وقرأ قرآنا، فاعتصم كما قال الله تعالى ﴿وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً﴾ (٤) فأقبلت حتى وقفت على أبى بكر، ولم تر رسول الله ، فقالت يا أبا بكر: إنى حدّثت أن صاحبك هجانى. فقال: لا وربّ هذا البيت ما هجاك-ويقال فقال: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله-قالت: إنك


(١) أورده ابن هشام فى السيرة ١:٢٣٥ فى خبر الصحيفة مع اختلاف يسير.
(٢) وقيل اسمها أروى بنت حرب أخت أبى سفيان بن حرب. (السيرة الحلبية ١:٤٦٦)
(٣) الفهر: حجر يملأ الكف فيه طول يدق به فى الهاون. (المرجع السابق)
(٤) سورة الإسراء آية ٤٥.