واجتمع عتبة وشيبة، وأبو سفيان بن حرب، والنّضر بن الحارث، وأبو البخخترىّ، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، وعبد الله بن أميّة، وأميّة بن خلف، والعاص بن وائل، ومنبّه ونبيه ابنا الحجاج بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلّموه وخاصموه حتى تعذروا فيه. فبعثوا إليه: إنّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فأتهم. فجاءهم رسول الله ﷺ سريعا-وهو يظن أن قد بدا لقومه فى أمره بداء (١)، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعزّ عليه عنتهم-حتى جلس إليهم، فقالوا له: يا محمد إنّا قد بعثنا إليك لنكلمك، وإنّا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك؛ لقد شتمت الآباء، وعبت الدين. وشتمت الآلهة، وسفّهت الأحلام، وفرّقت الجماعة، فما بقى من أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك-أو كما قالوا-فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسوّدك علينا، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيّا تراه قد غلب عليك-وكانوا يسمون التابع من الجن رئيّا-فربما كان ذلك؛ بذلنا لك أموالنا فى طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال لهم رسول الله ﷺ: ما بى ما
(١) كذا فى الأصول وسيرة النبى لابن هشام ١:١٩١. وفى السيرة النبوية لابن كثير ١:٤٧٩ «بدو» والبداء تعنى أنه نشأ لهم فيه رأى. سبل الهدى والرشاد ٢:٤٤٠.