للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجتمعت قريش يوما فقالوا: لقد انتشر علينا أمر محمد، ثم فرّق جماعتنا وشتّت أمرنا، وعاب ديننا؛ فلو التمستم رجلا عالما بالسّحر والكهانة والشعر فليأته فليكلمه، ولينظر ماذا يردّ عليه.

قالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: ائته يا أبا الوليد.

فقال عتبة: لقد سمعت بقول السحرة والكهانة والشعر، وعلمت من ذلك علما، وما يخفى علىّ إن كان كذلك. فأتاه عتبة فقال:

يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت، ثم قال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت، ثم قال: أنت خير أم هاشم؟ فسكت، فقال:

فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التى عبت (١)، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، فبم تشتم آلهتنا، وتضلل آباءنا؟ ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك؛ فرّقت جماعتنا، وشتّت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا فى العرب، حتى لقد طار فيهم أن فى قريش ساحرا، وأن فى قريش كاهنا، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى: أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى/، أيها الرجل إن كان ما بك إلاّ الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أىّ نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا، وإن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا ما تستغنى به أنت وعقبك من بعدك؛ حتى تكون أغنى قريش رجلا-ورسول الله ساكت لا يتكلم-فقال رسول الله


(١) كذا فى الأصول والسيرة النبوية لابن كثير ١:٥٠١. وفى الوفا بأحوال المصطفى ١:٢٠١ «التى عبتها».