فلما عرفت قريش أنّ أبا طالب لا يخذل النبىّ ﷺ مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فقالوا:
يا أبا طالب: هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى فى قريش، فاحمله وخذه، وسلّم لنا ابن أخيك هذا الذى خالف دينك ودين آبائك، وفرّق جماعة قومه، وسفه أحلامنا فنقتله؛ فإنّما رجل كرجل (١).
فقال: والله لبئس ما تسوموننى، أتعطونى ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابنى تقتلونه؟! هذا والله ما لا يكون أبدا.
ويقال: لما جاءت قريش بعمارة بن الوليد إلى أبى طالب قالوا:
قد عرفت حال عمارة فى قريش، ونحن ندفعه لك مكان محمد، وادفعه إلينا. قال: ما أنصفتمونى؛ أعطيكم ابن أخى تقتلونه وتعطونى ابن أخيكم أغذوه لكم؟! فقال المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما نكرهه، فما أراك أن تقبل منهم شيئا. فقال أبو طالب لمطعم: والله ما أنصفونى، ولكنّك قد أجمعت خذلانى، ومظاهرة القوم علىّ، فاصنع ما بدا لك.
فحميت الحرب حينئذ وتنابذ القوم،/ووثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يعذّبونهم ويفتنونهم عن دينهم، ومنع الله رسوله منهم بعمّه أبى طالب، وقام أبو طالب فى بنى هاشم وبنى المطلب، فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله ﷺ، والقيام دونه؛
(١) كذا فى الأصول، وتاريخ الطبرى ٢:٢٢٠. وفى سيرة النبى لابن هشام ١:١٧٢ «رجل برجل».