للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ، فوجد عنده عبد الله بن أبى أميّة، وأبا جهل بن هشام، فقال رسول الله : يا عم، قل لا إله إلا الله وحده أشهد لك بها عند الله-أو قل لا إله إلا الله أحاجّ لك بها عند الله-فقال له أبو جهل-لعنه الله-وعبد الله بن أبى أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملّة عبد المطلب؟! فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويقول: يا عمّ، قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله. ويقولان: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟! حتى قال آخر كلمة تكلّم بها «على ملة عبد المطلب» فقال رسول الله : لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك. فنزلت ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى﴾ إلى قوله ﴿وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ (١)

ويقال: إن أبا طالب قال للنبى : يا ابن أخى، والله لولا أرهب أن تقول قريش وهرنى (٢) الجزع فيكون سبّة عليك وعلى بنى أبيك لفعلت الذى تقول، وأقررت عينيك بها؛ لما أرى من شكرك ووجدك بى، ونصيحتك لى. ثم إن أبا طالب دعا بنى عبد


(١) سورة التوبة الآيتان ١١٣،١١٤. وانظر دلائل النبوة ٢:٩٨،٩٩، والاكتفا ١:٣٩٢،٣٩٣، والوفا بأحوال المصطفى ١:٢٠٦،٢٠٧، والسيرة النبوية لابن كثير ٢:١٢٦،١٢٧، وسبل الهدى والرشاد ٢:٥٦٥.
(٢) وهرنى: أى أضعفنى. (هامش الوفا بأحوال المصطفى ١:٢٠٧) وأوقعنى فيما لا مخرج منه فبقيت متحيرا. (المعجم الوسيط).