للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقدا، ولكن ترجع ونرجع، وتنظر وننظر-وكأنه أحب أن يشرك المثنى بن حارثة فقال-: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا. فقال المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة فى ترك ديننا ومتابعتك على دينك، وإنما نزلنا بين صريى (١) اليمامة والسّمامة. فقال رسول الله /: وما هذان الصريان؟ فقال: أنهار كسرى ومياه العرب؛ فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول [وأما ما كان مما يلى مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول.] (٢) وإنما نزلنا على عهد أخذه كسرى علينا: ألا نحدث حدثا ولا نؤوى محدثا، فإنى أرى أن هذا الأمر الذى تدعونا إليه يا أخا قريش مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلى مياه العرب فعلنا.

فقال رسول الله : ما أسأتم الرّدّ إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه من جوانبه؛ أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟ فقال النعمان بن شريك: اللهم فلك ذلك.


(١) فى سبل الهدى والرشاد ٢:٦٠٣ «الصريين بصاد مهمله فراء مفتوحتين، فمثناتين تحتيتين الأولى مفتوحة مشددة والثانية ساكنة-سهو: فما فى اللسان تخفيف الأولى وسكون الثانية-وفى بعض نسخ العيون صيرين تثنية صير بكسر الصاد-قال فى المصباح والتقريب: صرى الماء صرى من باب تعب: طال مكثه وتغيره، ويقال طال استنقاعه، فهو صرى وصف بالمصدر. وقال فى النهاية: الصير الماء الذى يحضره الناس، وقد صار القوم يصيرون إذا حضروا الماء.
(٢) سقط فى الأصول، والمثبت عن دلائل النبوة ٢:١٦٧، وعيون الأثر ١: ١٥٤، وسبل الهدى والرشاد ٢:٥٩٧.