ابن كنانة. فخرج حتى أتى القلّيس فأحدث فيه: أى سلح، ثم خرج فلحق بأرضه. فدخل أبرهة فرأى أثره فيه، فقال: من اجترأ علىّ بهذا؟ فقال له أصحابة: أيها الملك، هذا رجل من العرب من أهل ذلك البيت الذى يحجّ العرب إليه بمكة لمّا سمع قولك إنى أريد أن أصرف إليه حاج (١) العرب غضب فجاء فأحدث فيه؛ أى أنها ليست لذلك بأهل-ويقال: إنهما كانا رجلين من النّسأة-فغضب عند ذلك أبرهة وقال: أفعلىّ اجترأ بهذا؟! ونصرانيّتى لأهدمنّ ذلك البيت ولأخرّبنّه حتى لا يحجه حاج أبدا.
فدعا بالفيل وأذّن فى قومه بالرّحيل والخروج ومن اتبعه من أهل اليمن-وكان أكثر من اتّبعه منهم عكّ والأشعرون وخثعم-فخرجوا يرتجزون:-
إن البلد لبلد مأكول … يأكله عكّ والأشعرون والفيل
ويقال: إن أبرهة لما رأى ذلك بالقلّيس كان عنده رجال من العرب؛ منهم محمد بن خزاعىّ الذّكوانىّ وأخوه قيس، فأمّر محمدا على مضر، وأمره أن يسير بالناس يدعوهم إلى حجّ القلّيس، فسار محمد حتى إذا نزل ببعض أرض بنى كنانة-وقد بلغ أهل تهامة أمره، وما جاء له-بعثوا له رجلا من هذيل يقال له عروة بن عياض، فرماه بسهم فقتله، فهرب أخوه قيس فلحق بأبرهة، فزاد ذلك أبرهة غيظا وجرأة، وحلف ليغزونّ بنى كنانة، وليهدمنّ البيت. ثم أمر الحبشة فتهيّأت وتجهّزت، ثم سار وخرج بالفيلة معه.