للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسقى الراعى، ثم حلب فشرب. فقال العبد: بالله من أنت، فو الله ما رأيت مثلك قط؟ قال: أو تراك تكتم علىّ حتى أخبرك؟ قال: نعم.

قال: فإنى محمد رسول الله. قال: أنت الذى تزعم قريش أنه صابئ؟ قال: نعم: إنهم ليقولون ذلك. قال: فأشهد أنك نبى، وأشهد أن ما جئت به حق، وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبى، وأنا متّبعك. قال: إنك لن تستطيع ذلك يومك؛ فإذا بلغك أنى قد ظهرت فأتنا.

ومرّ رسول الله فى طريقه بأم معبد عاتكة ابنة خالد-وهى بقديد-وكانت امرأة جلدة برزة تحتبى وتقعد بفناء الخيمة، وتطعم وتسقى، فسألوها: هل معها لحم أو لبن أو تمر يشترونه منها؟ فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وإذا القوم مرملون مسنتون (١)، فقالت: والله لو كان عندنا شئ ما أعوزكم القرى. فنظر رسول الله إلى شاة فى كسر (٢) الخيمة فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: هذه شاة خلّفها الجهد عن الغنم. قال: فهل بها من لبن؟ قالت: بأبى وأمى أنت إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فدعا رسول الله بالشاة فمسح بيده ضرعها، وذكر اسم الله وقال: اللهم بارك لها فى شاتها.

فتفاجّت (٣) عليه ودرّت واجترت، فدعا بإناء لها يربض (٤) الرهط


(١) مرملون مسنتون: أى مجدبون. (السيرة الحلبية ٢:٢٢٤)
(٢) كسر الخيمة: جانبها. (المعجم الوسيط)
(٣) تفاجت: فرجت ما بين رجليها للحلب. (السيرة الحلبية ٢:٢٢٤)
(٤) يربض الرهط: أى يروبهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدوا على الأرض، من ربض فى المكان يربض إذا لصق به وأقام ملازما له. (النهاية فى غريب الحديث)