للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت عاتكة بنت عبد المطلب قد رأت-قبل قدوم ضمضم مكّة بثلاث ليال-رؤيا أفزعتها، فأخبرت بها أخاها العباس ابن عبد المطلب، وأمرته أن يكتم ذلك؛ قالت: رأيت راكبا على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته: أن انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم فى ثلاث. فاجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هو حوله مثل (١) به بعيره على ظهر الكعبة يصرخ بأعلى صوته: انفروا يا آل غدر لمصارعكم. ثم مثل به بعيره على رأس أبى قبيس فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضّت فما بقى بيت من بيوت مكّة ولا دار من دورها إلا دخلت فيها فلقة. فقال لها العباس:

اكتميها. ثم لقى الوليد بن عتبة-وكان صديقا له-فذكرها له واستكتمه، ثم لقى الوليد أباه (٢) عتبة فذكرها له، ففشا الحديث حتى تحدّثت به قريش.

قال العباس: فلقينى أبو جهل فقال: يا أبا الفضل متى حدثت فيكم هذه النبيّة؟ قلت: وما ذاك؟ قال: الرؤيا التى رأتها عاتكة، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى يتنبأ نساؤكم؟! وقد


(١) مثل به بعيره: أى انتصب به على ظهر الكعبة. (السيرة الحلبية ٢: ٣٧٦)
(٢) فى الأصول، والسيرة النبوية لابن كثير ٢:٣٨٢ «ابنه» والمثبت عن سيرة النبى لابن هشام ٢:٤٤١، ودلائل النبوة ٢:٣١٥، والاكتفا ٢:١٥، وعيون الأثر ١:٢٤٣، وتاريخ الإسلام ٢:١١٤، والسيرة الحلبية ٢:٣٧٦، وتاريخ الخميس ١: ٣٦٦.