للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال صفوان: والله أن ليس فى العيش خير بعدهم. فقال عمير:

صدقت، أما والله لولا دين علىّ ليس عندى قضاؤه، وعيال أخشى عليهم الضّيعة بعدى لركبت إلى محمد/حتى أقتله؛ فإن لى قبلهم علّة: ابنى أسير فى أيديهم. فقال صفوان: فعلىّ دينك أن أقضيه عنك، وعيالك مع عيالى أواسيهم (١) ما بقوا، قال عمير: فاكتم علىّ شأنى وشأنك. قال: أفعل. ثم إن عميرا أمر بسيفه فشحذ له وسمّ، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فرآه عمر قد أناخ بعيره على باب المسجد متوشّحا السيف، فقال: هذا عدوّ الله عمير ما جاء إلاّ لشرّ، وهو الذى حرشّ بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر. ثم دخل عمر على رسول الله فقال: يا نبىّ الله هذا عدوّ الله عمير، قد جاء متوشحا سيفه. قال: فأدخله علىّ. فأقبل عمر حتى أخذ بحمائل سيفه فى عنقه، قال: أرسله يا عمر، أدن يا عمير. فدنا ثم قال: أنعموا صباحا - وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم - فقال رسول الله : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتكم يا عمير؛ بالسلام تحية أهل الجنة، ما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لأفتدى الأسير الذى بين أيديكم، فأحسنوا فيه. قال : فما بال السّيف فى عنقك؟ قال: قبّحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئا، إنما أنسيته (٢) حين نزلت وهو فى عنقى. فقال النبىّ : اصدقنى


(١) فى الأصول «آسوتهم». والمثبت عن سيرة النبى لابن هشام ٤٨٥:٢، والسيرة النبوية لابن كثير ٤٨٦:٢، والسيرة الحلبية ٤٥٧:٢.
(٢) فى الأصول «نسيتها» والمثبت عن الإمتاع ١٠٠:١.