المحدث؛ فارق الآباء وسفّه أحلامهم!! فقال سفيان: لم يلق محمد من يشبهنى. حتى انتهى إلى خبائه وتفرّق عنه أصحابه، فقال: يا أخا خزاعة. فدنوت منه وجلس عندى حتى نام الناس، فحملت عليه بالسيف حتى قتلته، ثم خرجت-وتركت ظعائنه منكبات عليه-حتى قدمت على النبى ﷺ-ويقال إن سفيان بن خالد لما رقد اغتره عبد الله بن أنيس فقتله، وأخذ رأسه فدخل به غارا فى الجبل وضربت عليه العنكبوت، وجاء الطلب فلم يروا شيئا فانصرفوا راجعين. وخرج فكان يسير الليل ويكمن النهار حتى قدم المدينة فى يوم السبت لسبع بقين من المحرم.
وفيها لهلال ذى القعدة كانت غزوة بدر الموعد، وسببها أن أبا سفيان بن حرب لما أراد أن ينصرف يوم أحد نادى: موعد بيننا وبينكم بدر الصغرى (١) برأس الحول نلتقى فيه فنقتتل. فقال عمر بن الخطاب-وقد أمره رسول الله ﷺ: نعم إن شاء الله.
وكانت بدر الصغرى مجمعا للعرب فى سوق يقام لهلال ذى القعدة إلى ثمان منه، فلما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج وأحب
(١) كذا فى الأصول، وفى نهاية الخبر فى طبقات ابن سعد ٢:٦٠ «وهى غزوة بدر الصغرى» وفى شرح المواهب ٢:٩٣ «غزوة بدر الأخيرة وهى الصغرى-لعدم وقوع حرب فيها فكانت صغرى بالنسبة للكبرى؛ فهى تسمية اصطلاحية للتمييز». وفى مغازى الواقدى ١:٣٨٤، وطبقات ابن سعد ٢:٥٩، والإمتاع ١:١٨٣، وسبل الهدى والرشاد ٤:٤٧٨ «بدر الصفراء». وفى معجم البلدان لياقوت «وبدر الموعد، وبدر القتال، وبدر الأولى والثانية، كله موضع واحد … وبدر ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادى الصفراء، بينه وبين الجار-وهو ساحل البحر-ليلة».