للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المدينة، وسلّمها إلى ناجية بن جندب الأسلمى ليقدمها إلى ذى الحليفة. واغتسل فى بيته، ولبس ثوبين من نسج صحار، وأحرم ودخل بيته محرما، وكان معه رجل من الأنصار، فوقف الأنصارى بالباب، فقال له: ألا تدخل؟ فقال: أحمسىّ يا رسول الله. فقال رسول الله : وأنا أحمسىّ، دينى ودينك سواء. فدخل الأنصارى على رسول الله لما رآه دخل من بابه، فأنزل الله ﷿ ﴿وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها﴾ (١) وركب راحلته القصوى من عند بابه، وخرج فى ذى القعدة معتمرا-لا يريد حربا-بمن معه من المهاجرين والأنصار. ومن تبعه من الأعراب، وهم سبعمائة- وقيل ألف وخمسمائة، ويقال ألف وأربعمائة، وقيل ألف وستمائة، ويقال ألف وثلاثمائة، وقيل ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلا (٢) -وخرج المسلمون لا يشكون فى الفتح؛ للرؤيا المذكورة.

وخرج النبى ومعه زوجته (٣) أم سلمة، ولم يخرج معه بسلاح سوى السيوف فى القرب، وقال عمر بن الخطاب: أتخشى يا رسول الله علينا من أبى سفيان بن حرب وأصحابه، ولم تأخذ للحرب عدتها؟! فقال: ما أدرى، ولست أحبّ أحمل السلاح معتمرا. وقال سعد بن عبادة: لو حملنا يا رسول الله السلاح معنا؛


(١) سورة البقرة آية ١٨٩.
(٢) وانظر هذه الأقوال بأسانيدها فى شرح المواهب ٢:١٨٠.
(٣) فى الأصول «معه بزوجته» والمثبت عن المرجع السابق.