للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلغ المشركين خروج النبى فاجتمعوا لصدّه عن المسجد الحرام، وخرجوا إلى بلدح (١) فعسكروا به وقدموا خالد بن الوليد وعكرمة بن أبى جهل فى مائتى فارس إلى كراع الغميم.

فلما انتهى النبى لغدير الأشطاط (٢) -وراء عسفان- لقيه بسر بن سفيان الخزاعى-وكان دخل مكة فسمع كلامهم وعرف رأيهم-فقال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل (٣)، قد لبسوا جلود النمر (٤)، يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عنوة أبدا، وهذا خالد بن الوليد فى خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم. فقال رسول الله : يا ويح قريش، لهذا أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بينى وبين الناس؛ فإن أصابونى كان الذى أرادوا، وإن ظفّرنى الله عليهم دخلوا فى الإسلام وهم وافرون، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوّة، فماذا تظن قريش؟! والله لا أزال أجاهدهم على الذى بعثنى الله له (٥) أو تنفرد هذه السّالفة.


(١) بلدح: واد قبل مكة من جهة الغرب، ويطلق على وادى مكة فيما بين الزاهر والحديبية (الشميسى). معجم البلدان لياقوت، ومعالم مكة التاريخية للبلادى.
(٢) فى الأصول «الأشظاظ» والمثبت عن طبقات ابن سعد ٢:٩٥، والسيرة النبوية لابن كثير ٣:٣٢٩، وشرح المواهب ٢:١٨١، ومعجم البلدان لياقوت.
(٣) العوذ: جمع عائذ، وهى الناقة ذات اللبن، أو التى معها ولدها، والمطافيل التى معها أولادها، وإنما قيل للناقة عائذ وإن كان الولد هو الذى يعوذ بها لأنها عاطف عليه، أو العوذ المطافيل كناية عن النساء معهن أطفالهن: أى أنهم خرجوا بنسائهم معهن أولادهن لإرادة طول المقام، وذلك أدعى لعدم الفرار. (شرح المواهب ٢:١٨٧، والسيرة الحلبية ٢:٦٩٠).
(٤) أى أظهروا العداوة والحقد. (السيرة الحلبية ٢:٦٩٠)
(٥) كذا فى الأصول. وفى سيرة النبى لابن هشام ٣:٧٧٥، وعيون الأثر ٢: ١١٤ والسيرة الحلبية ٢:٦٩٢، وتاريخ الخميس ٢:١٧ «به».