للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال إن المسلمين نزحوا البئر التى بالحديبية فلم يتركوا فيها قطرة، فبلغ النبى فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء فيه ماء فتوضأ وتمضمض ودعا ثم صبّه فيها فتركوها غير بعيد، ثم إنها أصدرتهم جميعا وركابهم.

فلما اطمأن رسول الله إذا به بابن ورقاء فى رجال من خزاعة-وكانت خزاعة عيبة نصح لرسول الله ؛ مسلمها ومشركها، لا يخفون على رسول الله شيئا كان بمكة-فقال لهم النبى مثل قوله لبسر بن سفيان، فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد؛ إن محمدا لم يأت لقتال إنما جاء زائرا لهذا البيت معظّما لحقه. فاتّهموهم؛ فقالوا: وإن كان إنما جاء لذلك فلا والله لا يدخلها أبدا عنوة علينا، ولا تحدّث بذلك العرب.

وبعث رسول الله خراش بن أمّية الخزاعى إلى مكة وحمله على جمل له يقال له الثعلب، فلما دخل مكة عقرت به قريش (١)، وأرادوا قتله فمنعهم الأحابيش (٢) حتى أتى رسول الله ، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة، فقال: يا رسول الله إنى أخاف قريشا على نفسى وليس بها من بنى عدى من يمنعنى، وقد


(١) الذى تولى عقره عكرمة بن أبى جهل، كما فى مغازى الواقدى ٢:٦٠٠ والامتاع ١:٢٨٩.
(٢) الأحابيش: هم بنو الهون بن خزيمة، وبنو الحارث من عبد مناف بن كنانة، وبنو المصطلق بن خزيمة؛ قيل لهم ذلك لأنهم تحالفوا تحت جبل بأسفل مكة يقال له حبشى هم وقريش على أنهم يد واحدة على من عاداهم ما سجى ليل ووضح نهار ومارسا حبشى، فسموا أحابيش قريش. (السيرة الحلبية ٢:٦٩٥)