للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. فبعثوا إليه الحليس بن علقمة الكنانى-وهو يومئذ سيّد الأحابيش-فلما رآه رسول الله قال: هذا رجل من قوم يتألّهون، فابعثوا الهدى فى وجهه. فبعثوا الهدى،/فلما رأى الهدى يسيل عليه من عرض الوادى فى قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع ولم يصل للنبى إعظاما لما رأى، فقال:

يا معشر قريش قد رأيت ما لا يحل صدّه: الهدى فى قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله. قالوا: اجلس فإنما أنت أعرابى لا علم لك. فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفى فقال: يا معشر قريش إنى قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه (١) إلى محمد-إذا جاءكم-من التّعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وأنى ولد- وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس-وقد سمعت بالذى نابكم، فجمعت من أطاعنى من قومى، ثم جئت حتى أواسيكم بنفسى.

قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتّهم. فخرج حتى أتى النبىّ ، فجلس بين يديه فقال: يا محمد جمعت أوباش (٢) الناس ثم جئت بهم لبيضتك (٣) لنقضها؛ إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون الله ألاّ تدخلها عليهم عنوة أبدا، وأيّم الله لكأنى بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا. قال: وأبو بكر


(١) فى الأصول «من تبعثه» والمثبت عن سيرة النبى لابن هشام ٣:٧٧٨، وعيون الأثر ٢:١١٦، والسيرة الحلبية ٢:٦٩٦.
(٢) أوباش الناس: أى أخلاطهم. (السيرة الحلبية ٢:٦٩٧).
(٣) بيضتك: أى أصلك وعشيرتك (السيرة الحلبية ٦٩٧٢)