وجلس النبى ﷺ عند قرن مسقلة (١) -وقرن مسقلة الذى إليه بيوت ابن أبى أمامة ودبر دار ابن سمرة وما حوله-فجاءه الناس-الصغار والكبار والرجال والنساء-فبايعوه على الإسلام والشهادة، وأتوه بصبيانهم ليمسح على رءوسهم ويدعو لهم، فخرجت أم الوليد بن عقبة بن أبى معيط بابنها الوليد إلى النبى ﷺ-وهو مطيّب بالخلوق-فلم يمسح على رأسه ولم يمسه، ولم يمنعه من ذلك إلا من أجل الخلوق، ويروى أن الوليد سلح يومئذ فقذره رسول الله ﷺ، فلم يمسه ولم يدع له.
وكان أبو قحافة لما نزل النبى ﷺ ذى طوى قال لابنة له- كانت من أصغر ولده-: أى بنيّة. أشرفى بى على أبى قبيس- وكان قد كفّ بصره-فأشرفت به عليه. فقال: أى بنيّة، ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا، وأرى رجلا يشتد بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا. فقال: تلك الخيل يا بنيّة، وذلك الرجل الوازع. ثم قال: ماذا ترين؟ فقالت؟ أرى السواد انتشر. فقال: والله إذا دفعت الخيل فأسرعى بى إلى بيتى. فخرجت سريعا حتى إذا هبطت به إلى الأبطح لقيته الخيل، وفى عنقها طوق لها من ورق، فاقتطعه إنسان من عنقها.
(١) قرن مسقلة: وفى أخبار مكة للأزرقى ٢:٢٧٠ وهو قرن بقيت منه بقية بأعلى مكة فى دبر دار سمرة عند موقف الغنم بين شعب ابن عامر وحرف دار رابغة فى أصله، ومصقلة رجل كان يسكنه فى الجاهلية، وأورد حديث أبى الوليد بسنده عن ابن جريج قال: لما كان يوم الفتح فتح مكة جلس رسول الله ﷺ على قرن مصقلة فجاءه الناس يبايعونه بأعلى مكة عند سوق الغنم.