للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخالد بن الوليد فى ثلاثين فارسا من أصحابه-لخمس بقين من شهر رمضان إلى العزّى (١) بنخلة، وكانت لقريش وجميع بنى كنانة، وكانت أعظم أصنامهم، فكان سدنتها-من بنى سليم-بنو شيبان.

فلما انتهى إليها هدمها لخمس ليال بقين من رمضان، ثم رجع إلى رسول الله فقال: أهدمت؟ قال: نعم يا رسول الله. قال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا. قال: ارجع فاهدمها فإنك لم تهدمها. فرجع خالد وهو متغيظ، فلما انتهى [إليها] (٢) جرّد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة شعرها قائمة عليهن كأنها تنوح عليهن، فجعل السادن يصيح بها. قال خالد-وأخذنى اقشعرار فى ظهرى-فجعل يصيح بها ويقول:

أعزّى شدّى شدّة لا تكذبى … أعزّى ألقى القناع وشمّرى

أعزّ إن لم تقتلى المرء خالدا … فبوئى بذنب عاجل وتنصّرى (٣)

وأقبل خالد بن الوليد بالسيف إليها وهو يقول:

[يا عزّ] (٤) كفرانك لا سبحانك … إنى رأيت الله قد أهانك

فضربها بالسيف فجزلها باثنين، ثم رجع إلى النبى فأخبره، فقال: نعم تلك العزّى، وقد أيست أن تعبد ببلادكم أبدا.

ثم قال خالد: يا رسول الله، الحمد لله الذى أكرمنا وأنقذنا بك من


(١) العزى: هى ثلاث شجرات سمرات بنخلة. (أخبار مكة للأزرقى ١:١٢٦) ويقال صنم، ويقال نخلات أى سمرات مجتمعه وعليها بناء. (السيرة الحلبية ٣:٢٠٨)، وانظر الأصنام لابن الكلبى ص ١٨ - ٢٧.
(٢) إضافة عن أخبار مكة للأزرقى ١:١٢٧.
(٣) وانظر الشعر فى الأصنام ٢٠٦ وهوامشها.
(٤) سقط فى الأصول والمثبت عن أخبار مكة للأزرقى ١:١٢٨، والأصنام ٢٦، والسيرة النبوية لابن كثير ٣:٥٩٧.