للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقى من بقى مع النبى لم يولوا الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة، والنبى على بغلته يمضى قدما، فحادت بغلته فمال عن السرج، فشدّ نحوه ابن مسعود وقال: ارتفع رفعك الله.

فقال النبى لابن مسعود: ناولنى كفّا من تراب. فناوله، فضرب به وجوههم؛ فامتلأت أعينهم ترابا، وقال النبى : أين المهاجرون والأنصار؟ فقال ابن مسعود: هم هنا: قال: اهتف بهم. فهتف بهم، فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها (١) الشّهب.

ويقال إنه لما فلّ المسلمون أمر النبىّ عمه العباس-وكان جهير الصوت صيّتا-فقال: أى عباس، ناد [يا] (٢) أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة. فنادى: يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب الشجرة (٣)، يا أصحاب سورة البقرة (٤)، يا معشر المهاجرين. فأقبلوا على النبى كأنهم الإبل إذا حنّت على أولادها، أو قال: فرجعوا عطفة كعطفة البقر على أولادها (٥)،


(١) فى الأصول «كأنهم الشهب» والمثبت عن الوفا بأحوال المصطفى ٢: ٧٠٣، وشرح المواهب ٣:١٥.
(٢) إضافة عن شرح المواهب ٣:١٢.
(٣) أى الذين بايعوه بيعة الرضوان تحت الشجرة. تاريخ الخميس ٢:١٠٣، والسيرة الحلبية ٣:٦٥.
(٤) وخص سورة البقرة بالذكر لأنها أول سورة نزلت فى المدينة، ولأن فيها ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ﴾ وفيها ﴿وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ وفيها ﴿وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ﴾ السيرة الحلبية ٣:٦٦، وشرح المواهب ٣:١٢.
(٥) وفى السيرة النبوية لابن كثير ٣:٦٢٧، وشرح المواهب ٣:١٢ «لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولاده».