منه ورفعت سيفى، فلم يبق إلا أن أسوّره فرفع لى شواظ من نار بينى وبينه كالبرق كاد يمحشنى، فوضعت يدى على بصرى خوفا عليه ومشيت القهقرى، والتفت إلىّ رسول الله ﷺ فنادانى: يا شيب ادن منى، اللهم أذهب عنه الشيطان. فدنوت منه فمسح صدرى ثم قال: اللهم أعذه من الشيطان. فرفعت إليه-ﷺ-بصرى فو الله لهو كان ساعتئذ أحب إلىّ من سمعى وبصرى ونفسى، وأذهب الله ما كان فىّ، ثم قال: ادن فقاتل. فتقدمت أمامه أضرب بسيفى، الله يعلم أنى أحب أن أقيه بنفسى كل شئ، ولو لقيت تلك الساعة أبى-لو كان حيا-لأوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون، فكروا كرة رجل واحد، وقربت بغلة رسول الله ﷺ فاستوى عليها، فخرج فى أثرهم حتى تفرّقوا فى كل وجه، ورجع ﷺ إلى معسكره فدخل خباءه فدخلت عليه-ما دخل عليه غيرى-حبا لرؤية وجهه وسرورا به، فقال ﷺ يا شيب، الذى أراد الله بك خير مما أردت بنفسك. ثم حدثنى بكل ما أضمرت فى نفسى مما لم أكن أذكره لأحد قط، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم قلت: استغفر لى. فقال: غفر الله لك (١).
ولما ولى الكفار مدبرين وقف مالك بن عوف النصرى فى أناس