للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنهم دعوا حسينا لينصروه ويولوه عليهم ثم ثاروا عليه فقالوا! إما أن تضع يدك فى أيدينا ونبعث بك إلى ابن زياد بن سميّة [سلما] (١) فيمضى فيك حكمه، وإما أن تحارب. فرأى-والله-أنه هو وأصحابه قليل فى كثير-وإن كان الله تعالى لم يطلع على الغيب أحدا أنه مقتول-ولكنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة، فرحم الله حسينا وأخزى قاتله، لعمرى لقد كان من خلافهم إيّاه وعصيانهم ما كان فى مثله واعظ وناه عنهم، ولكنه ما قدّر نازل، وإذا أراد الله أمرا لن يدفعه أحد، أفبعد الحسين نطمئن إلى هؤلاء القوم، ونصدق قولهم، ونقبل لهم عهدا؟! لا والله ولا نراهم لذلك أهلا، أما والله لقد قتلوه، طويلا بالليل قيامه كثيرا بالنهار صيامه، أحق بما هم فيه منهم، وأولى به فى الدين والفضل، أما والله ما كان يبدّل بالقرآن الغناء، ولا بالبكاء من خشية الله تعالى الحداء، ولا بالصيام شرب الحرام، ولا بالمجالس فى حلق الذكر الركض فى طلب الصيد-يعرض بيزيد- ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ (٢).

فثار إليه أصحابه فقالوا: أظهر بيعتك فإنه لم يبق أحد-إذ هلك حسين-ينازعك هذا الأمر. وقد كان يبايع سرّا، ويظهر أنه عائذ بالبيت. فقال لهم: لا تعجلوا.

وعمرو بن سعيد يومئذ عامل على مكة، وهو أشد شئ على


(١) إضافة عن تاريخ الطبرى ٦:٢٧٣.
(٢) سورة مريم آية ٥٩.